أمكوك الخسار سأنتحيكا

ديوان ابن الرومي

أمكُّوكَ الخسار سأنتحيكا

بإحدى الفاقرات ولا أقيكا

أتأمُرُ بالتقزُّزِ من كلامي

وذكرك يُصْدِئ الذهبَ السبيكا

زعَمْتَ بأنني نَحْسٌ وإني

مُجيبُك مُعْلِناً لا أتقيكا

توهَّم زَحْفَ موسى نحو حُسْنٍ

على مَنْقوصتيه لكي ينيكا

وقد دانتْ لطاعته فكانت

دجاجتَه وكان هناك ديكا

فأنشقَ أنفها من نَتْن فيه

كما أنشقْتَنا من نَتْن فيكا

وماطلَ فوقها نَزْواً مريضاً

كنزوِ مُسَخَّرٍ لا يَشْتَهيكا

فإنك واجدٌ ثم احتمالاً

وصبراً مثل صبرِ مُسَخّريكا

لقد صبرتْ على قذرٍ وقُبْح

ولم تَسْعَدْ ولم تُرْضِ المليكا

فما هذا التقزُّز من كلامي

وأُمّكَ لم تُقَزَّزْ من أبيكا

ولا مِنْ حَمْلها إياك منْه

وقد حمل الخنا بطنٌ يعيكا

حلفْتُ على التي بُلِيتْ بمُوسى

لقدْ جعلَتْ له فيكُم شريكا

أقِرْدٌ مُقعَدٌ وتَعِفُّ أنثى

له كلا وإفكِ مُعَلّليكا

أحاذِرُ أن تكون سليلَ شتَّى

وأحذَرُ مثلَ ذاك على بنيكا

عجِبْتُ ولا تعجُّبَ من ضلالٍ

بدا للناسِ منك ومن ذَويكا

وكثرةِ ناسليكَ لقد أرانا

سُقوطَك قِلةُ المُتنازِعيكا

رأيْتُك من بني حواءَ طُرا

وما في دهمهم مَنْ يدّعيكا

وما أنْفيك عن موسى لأني

أرى موسى يُكثّر غائظيكا

ولكنْ جَمَّ فيك مُشاركُوهُ

وإن أصبحْتَ بينهُمُ تَريكا

رمْوا بك عن حِرٍ عَمِقٍ وآلُوا

عليك أليَّةَ المُتناكريكا

فلا تعرضْ لدعوى غيرِ مُوسى

فلَيْسَ الأكرمُونَ بقابليكا

عليك عليك موسى فانتحلْهُ

فإن الناسَ غيرُ مُدافعيكا

هو الزمنُ الذي أضحى وأمسى

أقلَّ اللَّه فيه مُنافسيكا

أبوكَ المُقعَدُ المعتوهُ أدنى

إليك اللُّؤمَ والعقلَ الركيكا

رأيتُ أخاك يطلب منك قوتاً

وقد كثَّرْت فيه مؤنّبيكا

فلم تسمحْ له بكَفافِ وجْهٍ

ولا شفَّعْتَ فيه أقْربيكا

وعرّضتَ الخبيثة لي سفاهاً

فعِفْتُ خبيثها حَولاً دكيكا

فلمَّا استُكْره الكلِمُ المُقفَّى

تجشَّمها تجشمَ نائكيكا

فقُبحاً يوم تُبعثُ يا ابن موسى

لوِجهِكَ مُرْدِفاً قُبحاً وشيكا

أتَسْمَح باستِ أمِّك للقوافي

وتبخَلُ بالكفاف على أخيكا

غدوْتَ مُحالفاً مالاً بديناً

جعلتَ فداءَهُ حسباً نهيكا

أتاحكَ لي شقاؤُك يا ابن موسى

لتكسِبَ بي شماتَةَ حاسديكا

ولم أعلَمْك تطلُبُني بذَحْلٍ

ولكني إخالُك مستنيكا

ولو أنّي نزوْت بألفِ أيْرٍ

ومِتَّ لما وجدْتَ لديَّ تيكا

وما بي في احتمائك من سقامٍ

ولكنّ المُصحِّح يحتميكا

وهل مِن قائلٍ لك لا يراه

سراةُ الناس مغْبوناً هتيكا

أتنتحِلُ التقزُّزَ يا ابن حُسْنٍ

وحَجَّامُ القبيلةِ يمْتَطيكا

وما تنفكُّ مُرتضعاً مَنِيّاً

لعبدٍ تشتريه فيَشْتريكا

وكان الحُرُّ عندك عبدَ سَوْءٍ

وعبدُ السُّوءِ ربّاً يَسْتَنيكا

تشامخُ إنْ لقيتَ ذوي المعالي

وتَسْفُلُ للعبيد فتعتليكا

أعِرْ شَتَراً بعيْنك منك فِكْراً

وطالبْ بالجنايةِ واتريكا

أيورٌ طاعنتْك وأنت ماء

وطالتْ عنك غفلةُ مُدَّعيكا

أيا شتراً على بخرٍ أليمٍ

إلى قذرٍ توقَّ مُهاتريكا

أكلْتَ السمَّ يوم أكلتَ لحمي

فلا يغررْك قولُ مهنِّئيكا

ستأكلُ من فريك الشَّتْم صدراً

كما أكلت مشايخُك الفريكا

وأُعقبك المدُوس على فراغ

وأعقب مثلَ ذاك مُؤازريكا

فصبراً للهجاء ستَجتَويه

على أنَّ الهجاءَ سَيَجْتَوِيكا

بل الإعراضُ عنك عليَّ فرضٌ

وإن قدمْتُ بعض الهُجر فيكا

ظلمتُكَ إذ هَجَوْتُكَ يا ابن موسى

وحقُّك أن أكثّر مادحيكا

لأنك نِلْت مني فاجتباني

بذاك جميعُ من لا يجتبيكا

ومَن لا يجتبيك الناسُ طرّاً

وضِعفا ذاك من لا يَرتضيكا

ولكنْ لا بحمدِك ذاك لكن

بحمدِ مُكثّر المتنقّصيكا

قِلاك براءةٌ وهَواك عُرٌّ

ودينُ الناس حمدُ مُذمّميكا

فصِلْني بابتراكك في انتقاصي

فشُكري فوق شكرِ الشاكريكا

وأنت أخي أعِدُّك للَّيالي

إذا عرتِ الخطُوب وأرتَجيكا

وتُعرم غُلْمتي ويقوم أيري

إذا عز السّفاح فأعتريكا

فتمنحني عيالك منحَ سَمْحٍ

إذا نيكتْ حليلتُه ونيكا

تألَّفني بذاك وتبتغيني

وإنْ كنتُ امرأً لا أبتغيكا

سوى أني أُمِصُّك رأس أيري

وودُّك أنَّني من ناكحيكا

وكم قد قلت حين يُريب رَيْبٌ

مقالة آمِلٍ من آمليكا

أقرْنَ صديقنا الحسن بن موسى

علوْتَ فليس خطْبٌ يرتقيكا

رأيتُك حِصْن من يرتادُ حِصناً

فطوبى نائليك ونازليكا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الرومي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات