أماط لثاماً فاجتلِ القمر الأدنى

ديوان ابن الساعاتي

أماط لثاماً فاجتلِ القمر الأدنى

وألقى وشاحا فاجتنٍ الغصنَ اللّدنا

وشمْ برق ذاك الابتسامِ الذي خبا

فكم شيم من برقٍ خبا فحبا المزنا

لقد سلَّ سيفاً من لواحظ طرفهِ

فؤادي له ما زال أو جفنهُ جفنا

بدا وتثنّى وجههُ وقوامهُ

فعاينتُ منهُ الشمسَ والدِّعصَ والغصنا

أمات اصطباري مالكاً لحياتهِ

وأسهرني في الحبّ ذو المقلةِ الوسنى

وكم ظنَّ لي صبراً وليست حقيقةٌ

وهبتُ لعيتيهِ الحقيقةَ والظنّا

تثنّى فلم يثنِ التثنّي فؤادهُ

وعنّى محباً بالصدود وما عنّا

ويعجبهُ إطلاق دمعي إن غدا

فؤادي أسيراً في محبتهِ رهنا

ذممنا على حكم الصدود ذمامهُ

وكم حاز حسناً ما حمدنا له حسنى

ويطربني في البدر منه ملامحٌ

وفي عذبات البان من قدّه معنى

فكم جزعٍ لاقيت في جزع دارهِ

وإمّا تبدّى الحزنُ هيّج لي حزنا

وفي ذلك المغنى إلى الدمع فاقةٌ

وكم مدمعٍ أغنى على فاقةٍ مغنى

زمانٌ مضى ما كان أقصر عمرهُ

كأنا بربع الوصل كنّا وما كنّا

وكم ليلةٍ ليلاءَ من جنح بُعدهِ

نصبتُ بها وهماً فعلّقهُ وهنا

بلغت بها منّا وأمناً وحبّذا

مزارُ حبيبٍ يجمع الأمنَ والمنّا

سنيُّ عطاءٍ سنّهُ سنةُ الكرى

فلّلهِ ما أسنى وواهاً لما سنّا

تقضي الليالي والسنون ببينهِ

فلا غروَ أن أبكى وأن أقرع السنّا

أحنُّ وأحياناً أنوح صبابةً

ولولا الهوي ما ناحَ صبٌّ ولا حنّا

وكم فننٍ أهدى إلى القلب بل هدى

وقد غرّد القمريُّ من لوعةٍ فنّا

فلا زال في عود من البان ناضرٍ

وأمسى له رفقاً به ناظري وكنا

وما روضةٌ غناءُ هاجت لعاشق

عناءً وشادي الأيك في الأيك قد غنّا

أجادت بها شدواً فجادت مدامعٌ

وأغربَ لحناً شائقاً معرباً لحنا

تفاوح نشرُ المسك من نفحاتها

كذكر الأجلّ الفاضل اخترق المدنا

سماحُ يدي عبدِ الرحيم وبأسهُ

مدى الدهر كم أقنى وليّاً وكم أفنى

هو العارض الوسميُّ وهو وليّهُ

فيسراه فيها اليسر واليمنُ في اليّمنى

إذا جرّدتْ عضبَ اليراعِ بنانهُ

كفى الدولة الإدلاجَ والضربَ والطّعنا

حمى الملكَ أن يخشى مغيراً وغارةً

وكم غارةٍ من دون حوزتهِ شنّا

إذا ما انبرى في طرسهِ قالت النّهى

قفوا فانظروا ما يصنع الناحلُ المضنى

وإمّا أتى يوماً عدوّاً كتابهُ

ثنى جيشهُ ثاني العنان وقد أثنى

هو الدهرُ فالطّرس الصباحُ تبلّجت

ثناياه والنّقسُ الظلام إذا جنّا

فهل خطّهُ خطيّةٌ سمهريّةٌ

فلم نرَ خطّاً غيره يهزم القرنا

بنا طربٌ ممّا يصوغ يراعهُ

فهل صاغ حلياً للمسامع أو لحنا

غدا سجعهُ سجعَ الحمام كأنّما

أناملهُ ورقاءُ فارعةٌ غضبا

إذا الناسُ عدّوا كان أرفعهم سناً

وإنْ لم يكنْ في العدّ أرفعهم سنّا

أسحّهمُ في كلّ مسغبةٍ حياً

وأثبتهم في كلّ حادثةٍ ركنا

كأنَّ ليالي الدهر خطُّ صحيفةٍ

وقد أصبحتْ أيّامهُ اللّفظَ والمعنى

متى ما بدا فالسّمعُ للعين حاسدٌ

وإن قال أمسى ناظري يحسدُ الأذنا

وإن ظعن القُصّاد نحو جنابهِ

همى علمهُ والجودُ فاشتمل الظّعنا

وإن خزنَ الناسُ اللهى أنطق اللّها

بمثعنجرِ الشّؤبوب يأبى له الخزنا

وما انبريا إلاّ أماتا وأحييا

بك المزنيَّ الخالد العلم والمزنا

بربعك أيّام الأيامى خصيبةٌ

وعودُ الأعادي ليّنٌ يبسُ المجنى

وقافيةٍ مغبوبةِ الحقّ حزتها

فوفّيتها حقاً وأمّنتها الغبنا

عروسٌ حصانُ النجرِ فكري وليّها

سهرتُ لها وهناً فما وجدتْ وهنا

وأطاقتها من سجن فهمي وإنمّا

مخافةَ بعلِ السوءِ أُودعها السّجنا

تفيد مودّات القلوب وتارةً

تهمُّ فتستلُّ العدواة والشّحنا

إذاً ما تعاطى القومُ جريال بيتها

رأيتَ فصيحَ القوم يستنجد اللُّكنا

سُكارى وما دارت عليهم مدامةً

لدى مطربٍ من غير بمٍّ ولا مثنى

وإن جاذبتهم في النديِّ عنانها

فكلُّ فتىً قيسٌ تجاذبهُ لبنى

فلو أنَّ أهل الأرض جمعاً سموا لها

لأضحت سماءً أو لأعينهم وزنا

وإنّي لآبى الضيمَ من كلّ صاحبٍ

وأكرهُ قلبي أن يكونَ لهُ خدنا

فإنْ بلدٌ لم أغدُ فيهِ مكرّماً

نهضتُ فأعلمتُ الجديليّةَ البُدنا

وما شانَ فضلي بين أهلي خمولهُ

وقد بلغتْ آياتهُ الإنسَ والجنّا

فإنّي كعود الهند هينٌ بدوحهِ

وقد عبّقتْ أنفاسهُ السّهلَ والحزنا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الساعاتي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات