ألهاك عنا ربة البرقع

ديوان الشريف الرضي

أَلهاكِ عَنّا رَبَّةَ البُرقُعِ


مَرُّ الثَلاثينَ إِلى الأَربَعِ


أَنتِ أَعَنتِ الشَيبَ في مَفرِقي


مَعَ اللَيالي فَصِلي أَو دَعي


يا حاجَةَ القَلبِ أَلَم تَرحَمي حاجَةَ


جِنايَةَ الدَمعِ عَلى مَدمَعي


لَولا ضَلالاتُ الهَوى لَم يَكُن


عِنانُ قَلبي لَكِ بِالأَطوَعِ


كَيفَ طَوى دارَكِ ذو صَبوَةٍ


عَهدي بِهِ يَطرَبُ لِلمَربَعِ


كانَ يَرى ناظِرَهُ سُبَّةً


إِن مَرَّ بِالدارِ وَلَم يَدمَعِ


يا حَبَّذا مِنكِ خَيالٌ سَرى


فَدَلَّهُ الشَوقُ عَلى مَضجَعي


أَنّى تَسَرّى مِن حَقيقِ الحِمى


مَنازِلَ الحَيِّ عَلى لَعلَعِ


باتَ يُعاطيني جَنى ظَلمِهِ


وَبِتُّ ظَمآنَ وَلَم أُنقَعِ


مُعانِقاً كانَ عِناقي لَهُ


وَراءَ أَحشائِيَ وَالأَضلُعِ


عاقَرَني يَشرَبُ مِن مُهجَتي


رَيّا وَيَسقينِيَ مِن أَدمُعي


هَل تُبلِغَنّي الدارَ مِن بَعدِهِم


عَلى الطَوى جائِلَةُ الأَنسُعِ


كَأَنَّ مَجرى النِسعِ في ذَفِّها


مُضطَرَبُ الأَيمِ عَلى الأَجرَعِ


تَحَمِلُني وَالشَوقُ في كَورِها


أَنّى دَعاني طَرَبٌ أَسمَعِ


إِنَّ بَهاءَ المُلكِ إِن أَدعُهُ


وَالخَطبُ قَد نازَلَني يَمنَعِ


رُبَّ زِمامٍ لِيَ في ضِمنِهِ


لَم أَتَقَوَّلهُ وَلَم أَدَّعِ


مُصطَنِعي وَالسَنُّ في رَوقِها


أَصابَ مِنّي غَرَضَ المَصنَعِ


لَم أَرضَ إِلّاهُ وَمِن قَبلِهِ


أَقنَعَني الدَهرُ وَلَم أَقنَعِ


أَغَرُّ إِن رُوِّعَ جيرانُه


لَم يَذُقِ الغَمضَ وَلَم يَهجَعِ


كَأَنَّما الضَيمُ إِلَيهِ سَرى


وَهوَ عَلى المُطَّلَعِ الأَمنَعِ


في حَسَبٍ أَصبَحَ وَضّاحُهُ


قَد غَلَبَ الشَمسَ عَلى المَطلَعِ


لَئِن نَأى عَنّا فَإِحسانُهُ


أَدنى مِنَ الناظِرِ وَالمَسمَعِ


سَومُ الحَيا أَقلَعَ عَن أَرضِنا


وَنَحنُ في آثارِهِ نَرتَعي


كَم نَفحَةٍ مِنهُ عَلى فاقَةٍ


تُنبِتُ عُشبَ البَلَدِ البَلقَعِ


وَنَظرَةٍ تَجبُرُ وَهنَ الفَتى


وَعَظمُهُ مُنصَدِعٌ ما وَعِي


إِذا قَضى مَرَّ عَلى نَهجِهِ


وَاِستَوقَفَ الحَقَّ عَلى المَقطَعِ


كَم طارَ في مُلكِكَ ذو نَخوَةٍ


قالَت لَهُ ريحُ المَنايا قِعِ


إِن شَمَخَ اليَومَ بِعِرنينِهِ


فَهوَ غَداً يَعطُسُ عَن أَجدَعِ


لَم يَلقَكَ المَغرورُ إِلّا غَدا


يُقَوِّمُ الجَنبَ عَلى المَصرَعِ


يَنتَظِرُ الحَيُّ بِهِم هَتفَةً


مِنَ النَواعي وَكَأَن قَد نُعِي


مِن جاهِدٍ خابَ وَمِن طالَبٍ


أَوفى عَلى الفَجِّ وَلَم يَطلُعِ


وَمُسرِعٍ أَقلَعَ مِن عَثرَةٍ


رَوعاءَ وَالعَثرَةُ لِلمُسرِعِ


وَنادِمٍ أَطرَقَ عَن حِزبِهِ


قَد نادَمَ الناجِذَ بِالإِصبَعِ


مَعاشِرٌ ما اِختَلَطوا بِالعُلى


وَلا رَبوا وَالعِزَّ في مَوضِعِ


شابَهَتِ السَوأَةُ ما بَينَهُم


ما أَشبَهُ الحالِقَ بِالأَنزَعِ


اِرتَضَعوا وَالعارَ مِن فيقَةٍ


وَنَزَعوا وَاللُئمُ مِن مَنزِعِ


مِن عاقِدٍ أَغدَرَ مِن مومِسٍ


وَواعِدٍ أَكذَبَ مِن يَلمَعِ


راموكَ بِالأَيدي وَكانَ السُهى


أَعلى مِن أَن يُدرَكَ بِالأَذرُعِ


قَد عَلِموا عِندَ قِراعِ الصَفا


أَنَّ الصَفا العاديَّ لَم يُقرَعِ


قُل لِبُهامٍ نُشِرَت في الرُبى


هَذا قِوامُ الدينِ فَاِستَجمِعي


قَد أَصحَرَ الضَيغَمُ مِن غيلِهِ


أُظفورُهُ مِنكِ عَلى مَطمَعِ


غَضبانَ قَد غَرَّكِ هَمهامُهُ


عَلى مَجازي اللَقَمِ المَهيَعِ


كَم فيكِ مِن خَرقٍ لِأَظفارِهِ


كَمَلغَمِ الأَشدَقِ لَم يُرقَعِ


لَيسَ كَغَزوِ الذِئبِ بُهمَ الحِمى


إِن مَرَّ بِالسَخلَةِ لَم يَرجِعِ


إِن لَم تِشاوِر حِلمَهُ تُصبِحي


وَليمَةَ الذُؤبانِ وَالأَضبُعِ


يَستَمِعُ الرَأيَ وَعَنهُ غِنىً


قَد يُصقَلُ السَيفُ وَلَم يُطبَعِ


لا بُدَّ أَن تُرمِضَ رَوعاتُهُ


وَإِن عَفا اليَومَ وَلَم يوقِعِ


وَالسَيفُ إِن مَرَّ عَلى هامَةٍ


رَوَّعَها إِن هُوَ لَم يَقطَعِ


قُل لِحَسودِ النَجمِ في فَوتِهِ


عِشتَ بِداءِ الكَمَدِ المَوجِعِ


لا بُدَّ لِلبِطنَةِ مِن خَمصَةٍ


فَجُع عَلى غَيظِكَ أَو فَاِشبَعِ


أَما نَهى الأَعداءَ ما جَرَّبوا


مِنكَ بِزَعزاعِ القَنا الشُرَّعِ


مَواقِفُ تَفسَخُ فيها الظُبى


عُقدَةَ رَأيِ البَطَلِ الأَروَعِ


أَيّامُكَ الغُرُّ تَسَربَلتَها


مِثلَ مُتونِ القُضُبِ اللُمَّعِ


أَفاقَتِ البَصرَةُ مِن دائِها


وَقَد رَقى الناسَ وَلَم يَنجَعِ


عاداتُ أَسيافِكَ في غَيرِها


وَالسَيفُ مَدلولٌ عَلى المَقطَعِ


قُدني إِلى ما قُدتَني قَبلَها


أَيُّ جَنيبٍ لَكَ لَم يوضِعِ


فَلَستُ بِالخامِلِ مِن غارِبي


عَلى سَنامِ النَقِبِ الأَظلَعِ


قَد خابَ مَن أَصبَحَ مِن غَيرِكُم


عَلَيَّ وَالإِقبالُ مِنكُم مَعي


يا أَيُّها البَحرُ بِنا غُلَّةٌ


فَهَل لَنا عِندَكَ مِن مَكرَعِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات