ألا يا قوم للقدر المتاح

ديوان الشريف المرتضى

ألا يا قومُ للقَدَرِ المُتاحِ

وللأيّامِ ترغبُ عن جِراحي

وللدّنيا تماطلُ بالرّزايا

مِطالَ الجُربِ للإبلِ الصِّحاحِ

تُسالمنِي ولِي فيها خَبِئ

أَغَضُّ عليه بالعَذْبِ القَراحِ

ويا لِمُلِمَّةٍ نَزَعتْ يميني

وَحَصَّتْ بالقوادِمِ مِنْ جَناحي

فُتِنْتَ بها ومنظرُها قبيحٌ

كما فُتِنَ المُتَيَّمُ بالملاحِ

أَلا قُلْ للأَخايرِ من قريشٍ

وسُكَّانِ الظّواهِرِ والبِطاحِ

هَوى مِن بَينِكمْ جبلُ المعالِي

وعِرْنينُ والمكارِمِ والسَّماحِ

وَجبَّ اللَّهُ غارِبَكمْ فَكونوا

كَظالعةٍ تحيد عن المَراحِ

يُدَفِّعُها مُسوّقها المُعَنّى

وقَد شَحَطَ الكَلالُ عن البُرَاحِ

وَغضّوا اللّحْظَ عن شَغَفٍ إليهِ

فما لكُمُ العَشيَّة مِنْ طَماحِ

غُلِبْناهُ كَما غُلِبَ ابنُ ليلٍ

وقد سَئِمَ السُّهادَ على الصَّباحِ

فَقُلْ لِمَعاشرٍ رهبوا شَباتِي

وما تجني رماحِي أو صفاحِي

رِدُوا من حيثُما شِئتم جِمامِي

فإنّي اليومَ للأعداءِ ضاحِ

ورُومونِي وَلا تخشَوْا قِراعِي

فقد أصبحتُ مُستَلَبَ السِّلاحِ

وقودونِي فما أَنَا في يديكمْ

عَلى ما تَعهَدون من الجِماحِ

وَلا تَتنظَّروا منِّي اِرتِياحاً

فَقَد ذَهَب ابنُ موسى بِاِرتياحِي

فَللسّببِ الّذي يُشجِي اِلتِزامِي

وَلِلسّببِ الّذي يُسلِي اِطّراحي

لَوانِي ما لَوانِي عن مُرادِي

وحالَ الدّهرُ دونَ مَدَى اِقتراحِي

فلا دَوٌّ تَخُبُّ به رِكابي

ولا جَوٌّ تَهُبُّ به رِياحي

فَمَنْ للخيلِ يقدِمُها مُغِذّاً

يُنازعْنَ الأعنّةَ كالقِداحِ

ومَنْ للبيضِ يُولِغُها نجيعاً

مِنَ الأعداءِ في يَومِ الكفاحِ

ومَنْ للحربِ يُوقِد في لَظاها

إِذا اِحتدَمَتْ أنابيبَ الرّماحِ

ومَنْ لِمُسَرْبَلٍ في القِدِّ عانٍ

على وَجَلٍ يُذادُ عن السَّراحِ

وَمَن للمالِ يَعْصِي فيه بَذْلاً

أساطيرَ العواذلِ واللّواحي

وَمَن لِمُسَوَّفٍ بالوعدِ يُلوى

وَمَطروحٍ عَنِ الجَدوى مُزاحِ

هِيَ الدّنيا تُجَمْجِمُ ثُمَّ تَأْتي

مِنَ الأمرِ المبرّحِ بالصِّراحِ

تُنيلُ عَطيّةً وتردُّ أخرى

وتَطوِي الجِدَّ في عينِ المزاحِ

فمنْ يُعدِي على أُمِّ الرّزايا

إذا جاءتْ بقاسيةِ الجِراحِ

سَلامُ اللّه تنقلُهُ اللّيالِي

ويُهديهِ الغُدوُّ إلى الرّواحِ

على جَدَثٍ تشبّث من لُؤَيٍّ

بِيَنبوعِ العِبادَةِ والصَّلاحِ

فَتىً لم يَرْوَ إلّا مِن حَلالٍ

وَلَم يكُ زادُهُ غير المُباحِ

وَلا دَنِسَتْ لَهُ أُزُرٌ بعارٍ

ولا عَلِقَتْ له راحٌ براحِ

خَفيفُ الظّهرِ مِن حَمْلِ الخَطايا

وَعُريانُ الصّحيفةِ من جُناحِ

مَسوقٌ في الأمورِ إِلى هُداها

وَمَدْلولٌ على بابِ النّجاحِ

مِنَ القومِ الّذين لَهُمْ قلوبٌ

بِذِكرِ اللَّهِ عامرةُ النّواحي

بِأَجسامٍ منَ التّقوى مِراضٍ

لِمبصرها وأديانٍ صِحاحِ

بَنِي الآباءِ قوموا فَاِنْدُبوهُ

بِأَلِسنَةٍ بِما تُثْنِي فِصاحِ

وَإِنْ شِئتمْ لَه عَقْراً فشُلُّوا

نفوسَ ذوِي اللِّقاحِ عن اللِّقاحِ

أَصابَكَ كلُّ مُنْهَمِرٍ دَلوحٍ

وحاملُ كلِّ مُثقَلَةٍ رَداحِ

وَروّاكَ الغمامُ الجَونُ يسرِي

بطيءَ الخَطْوِ كالإبلِ الرِّزاحِ

تُرابٌ طابَ ساكنُهُ فباتتْ

تأرّجُ فيه أنفاسُ الرّياحِ

غَنِيٌّ أنْ تجاورَهُ الخُزامى

وتُوقد حوله سُرجُ الأقاحِي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات