ألا من لمطروب الفؤاد عميد

ديوان بشار بن برد

أَلا مَن لِمَطروبِ الفُؤادِ عَميدِ

وَمَن لِسَقيمٍ باتَ غَيرَ مَعودِ

بِأُمِّ سَعيدٍ جَفوَةٌ عَن لِقائِهِ

وَإِن كانَتِ البَلوى بِأُمِّ سَعيدِ

إِذا قُلتُ داوي مَن أَصِبتِ فُؤادَهُ

بِسُقمِكِ داوَتهُ بِطولِ صُدودِ

وَإِن جيدَ مَنَّتهُ المُنى بِلِقائِهِ

خَلايا وَلا يَلقاهُ غَيرَ مَجودِ

كَأَنَّ عَلَيها أَلوَةً لا تَسُرُّهُ

بِجائِزَةٍ مِنها وَلا بِشَديدِ

وَجَلَّدَني عَنها البَريءُ مِنَ الهَوى

وَلَستُ عَلى هِجرانِها بِجَليدِ

فَقُلتُ لَهُ بَعضَ المَلامَةِ إِنَّني

عَلى اللَومِ مِنها ضامِنٌ لِمَزيدِ

أَعُدُّ سُجودي بِالحَصى وَتَلومُني

وَلَولا الهَوى أَوهَمتُ بَعضَ سُجودي

كَأَنَّ بِقَلبي جِنَّةً تَستَفِزُّهُ

بِنِسيانِ ما صَلَّيتُ غَيرَ عَديدِ

شَغَلتُ بِها نَفسي فَلَستُ بِفارِغٍ

لِدانٍ يُرَجّيني وَلا لِبَعيدِ

أَدُرُّ لِسُعدى عَن لِبانِ مَوَدَّتي

صَفاءً وَإِن هَمَّت لَنا بِجُمودِ

وَإِنّي لَوَصّالٌ لِأَخلاقِ حَبلِها

وَما كُنتُ وَصّالاً لِغَيرِ جَديدِ

وَكُلُّ اِمرِىءٍ ساعٍ وَلِلنَفسِ غايَةٌ

وَما الداءُ إِلّا الداءُ غَيرُ وَدودِ

وَرائِحَةٍ لِلعَينِ مِنها مَخيلَةٌ

إِذا بَرَقَت لَم تَسقِ بَطنَ صَعيدِ

مِنَ المُستَهِلّاتِ الهُمومَ عَلى الفَتى

خَفا بَرقُها مِن عُصفُرٍ وَعُقودِ

حَسَدتُ عَلَيها كُلَّ شَيءٍ يَمَسُّها

وَما كُنتُ لَولا حُبُّها بِحَسودِ

فَمَن لامَني في الغانِياتِ فَقُل لَهُ

تَعِش واحِداً لا زُلتُ غَيرَ وَحيدِ

وَأَصفَرَ مِثلِ الزَعفَرانِ شَرِبتُهُ

عَلى صَوتِ صَفراءِ التَرائِبِ رودِ

رَبيبَةِ سِترٍ يَعرِضُ المَوتُ دونَها

زَئيرُ أُسودٍ تابِعاتِ أُسودِ

كَأَنَّ أَميراً جالِساً في حِجابِها

تُؤَمِّلُ رُؤياهُ عُيونُ وُفودِ

أَهَبتُ بَناتِ الصَدرِ بَعدَ رُقادِها

فَأَصبَحنَ قَد وافَينَ غَيرَ رُقودِ

ثَقيلَةُ ما بَينَ البُرينَ إِلى الحَشا

لَها عَينُ أَدمانٍ وَلَونُ فَريدِ

تَروحُ بِمِثلِ الأَيمِ فَوقَ نِطاقِها

وَيا لَكَ مِن وَجهٍ هُناكَ وَجيدِ

مِنَ البيضِ لَم تَسرَح عَلى أهل غُنَّةٍ

وَقيراً وَلَم تَرفَع حِداجَ قَعودِ

كَأَنَّ لِساناً ساحِراً في لِسانِها

أُعينَ بِصَوتٍ كَالفِرَندِ حَديدِ

كَأَنَّ رِياضاً فُرِّقَت في حَديثِها

عَلى أَنَّ بَدواً بَعضُهُ كَبُرودِ

تُميتُ بِها أَلبابَنا وَقُلوبَنا

مِراراً وَتُحييهِنَّ بَعدَ هُمودِ

إِذا نَطَقَت صِحنا وَصاحَ لَنا الصَدى

صِياحَ جُنودٍ وُجِّهَت لِجُنودِ

ظَلِلنا بِذاكَ الدَيدَنِ اليَومَ كُلَّهُ

كَأَنّا مِنَ الفِردَوسِ تَحتَ خُلودِ

وَلا بَأسَ إِلّا أَنَّنا عِندَ أَهلِها

شُهودٌ وَما أَلبابُنا بِشُهودِ

فَلَمّا رَأَينا اللَيلَ شَبَّ ظَلامُهُ

وَشُبَّ بِمِصباحٍ لِغَيرِ سُعودِ

رَجَعنا وَفينا شيمَةٌ أَريَحِيَّةٌ

مِنَ العَيشِ في وُدٍّ لَهُنَّ وُجودِ

فَلَسنا وَإِن هَزَّ العَدُوُّ سَوادَنا

عَنِ اللَهوِ ما عَنَّ الصِبا بِقُعودِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات