ألا ما لقلب بأيدي الغواة

ديوان الشريف المرتضى

ألا ما لقلبٍ بأيدي الغُواةِ

يُعلَّل في الحبّ بالباطلِ

يرنّ اِشتكاءً إلى نازلٍ

وإمّا اِشتياقاً إلى راحلِ

ويُضحِي قتيلَ بدور الخدو

رِ وَجْداً وما من دمٍ سائلِ

وَكيفَ اِنتفاعي بأنّي كتمت

بنطق الغرامِ عن العاذلِ

ولي ألسُنٌ شاهداتٌ به

من الدّمع والجسدِ النّاحِلِ

ولولا الهوى قاهرٌ للرّجا

لِ ما لِيم في النّاسِ من عاقلِ

وزَوْرٍ أتاني وكلُّ العيون

من النّومِ في شُغُلٍ شاغِلِ

وكم بيننا حائلٌ هائلٌ

وأوْهَمَ أنْ ليس من جائلِ

ولولا لذاذةُ ذاك الغُرو

رِ ما كان في الطّيف من طائلِ

وما ضرّ أنْ فاتني آجلاً

وقد مسّني النّفعُ في العاجلِ

ولا نُكْرَ في الحقّ إنْ لم أنله

إذا جاء نفعِيَ من باطِلِ

أقول لركبٍ على أينُقٍ

سِراعٍ كذئبِ الغضا العاسلِ

وقد أكل السّيرُ أوصالَها

وأيْنُ السُّرى خير ما آكلِ

فما شئتَ من تامكٍ ناحلٍ

وما شئتَ من ضيّقٍ حائلِ

أَلا فاِعدِلوا بي بتلك المنى

إلى عَقْوَةِ الأوحدِ العادلِ

دعوا قائلاً غيرَ ما فاعلٍ

وعوجوا على القائل الفاعلِ

إلى صائلٍ لم تَطُفْ مرّةً

عليه صِقالاً يدا صاقِلِ

فتىً يُعمِلُ السّيفَ يوم الهياج

ويَتَّركُ الجُبنَ للنّابلِ

وما كان يوماً وقد مسّه الل

لغوبُ من الجِدِّ بالهازِلِ

فللّه دَرُّكَ من زائدٍ

عطاءً على أملِ الآملِ

ومن مُلحِقٍ بالجبان الشّجا

ع فضلاً وذا الجود بالباخلِ

ويوم يُسقّي الرّدى حاضريه

بلا وارشٍ وبلا واغلِ

شهدتَ فكنتَ مكانَ العَفار

وللرّمح في موضعِ العاملِ

وإنّي لأعشق منك الكمال

فلم أر قبلك من كاملِ

وآسى على زمنٍ مرّ بِي

وما لِيَ مثلك من كافلِ

لدى معشرٍ أَنَا ما بينهمْ

بلا منزلٍ منهمُ آهلِ

فدُرُّ قريضي بلا ناظمٍ

وغرُّ مقالي بلا قائلِ

وحَليُ كلامي وما اِستَأصلوه

مَدَى الدّهر منهم على عاطلِ

ولولا مكانك كان الملوك

بلا عضدٍ وبلا كاهلِ

ولا دافعٍ شرَّ ما حاذروه

ولا ناهضٍ لهم حاملِ

وكم ذا أعدتَ لهمْ مُلكَهمْ

وقد صار في كُفّةِ الحابلِ

فأضحى على ثابتٍ راسخٍ

وقد كان في هائرٍ مائلِ

وقد جرّبوا منك ما جرّبوه

غَداةَ المنى في يد الباسلِ

وخالوك جهلاً كمن يعهدون

وَكَم غُرّ ذو الحزمِ بالجاهلِ

ولمّا طلعتَ ولم يشعروا

فأيقَظَهمْ من كرى الغافلِ

أطاعَ لك الصّعبُ بعد الجِماح

وبان لنا الحقّ من باطلِ

وإنّ خُراسانَ زَلْزَلتَها

وما لَكَ من رُكُنٍ زائلِ

وساروا إليك كأُسْدِ الصَّريم

فطاروا مع النَّعَمِ الجافلِ

وأضحى كثيرهُمُ كالقليل

وناصرهْم منك كالخاذلِ

وأسمَعتَنا أنّةَ المُعْوِلات

على القوم أو رنّةَ الثّاكلِ

وأشبعتَ منهمْ سِغابَ السُّيوف

وروّيتَ منهمْ صَدَى الذّابلِ

ولمّا رأوا صَهَوات الجياد

عَليهنّ كلُّ فتىً باسلِ

رمتْ كلَّ سيفٍ ورمحٍ بها

على الرّغمِ منها يدُ الحامِلِ

فلم تَرَ غيرَ قتيلٍ هوى

تَدَوَّسُهُ الخيلُ أو قاتلِ

وولَّوا وفارسهمْ في الممات

بحدِّ سيوفك كالرّاجلِ

وظنّوا نكولَك لمّا دعوك

وحاشاك من خُلُقِ النّاكلِ

وليس الشّجاعةُ هتكَ الوري

د طعناً ولا ضربةَ القابلِ

ولكنَّها باِمتِطاء الصّوا

ب والحزم في الموقفِ الهائلِ

فلا تَلُمِ النَّاسَ في شوقهمْ

إِلى غيثك المسبِلِ الهاطلِ

ولِمْ لا يَحِنّ إلى المخصبا

ت مَن كان في البلد الماحِلِ

فإن كنتَ قد غبتَ عن بابلٍ

فذكرُك ما غاب عن بابِلِ

ومثلُ مثولك بين الرّجال

ثناؤك في المجلس الحافلِ

وما زلتَ تمطلنا باللّقا

ءِ للحزم عاماً إلى قابلِ

ومَن كان إرجاؤه باللّقا

ءِ مصلحةً ليس بالماطلِ

فقولِي لقومِيَ إنّي اِعتصمت

بعرِّيسَةِ الأسدِ الصّائلِ

فلا مُفزِعٌ أبداً مُفزِعي

ولا هائلٌ أبداً هائلي

ولا مثل عزّي به لاِمرئٍ

ولا لِكُلَيْبِ بني وائلِ

وكيف أخاف وأنتَ الخَفير

لداري ورحلِيَ من غائِلِ

أَلا فاِحبُنِي بدوام الصّفاء

فحسبِيَ ذلك من نائلِ

وَقَد حُزتَ منّي جميع القبول

وأرجوك أنّك لي قابلي

وإنّي لأرضى بأنْ كنتَ بِي

عليماً وكلُّ الورى جاهلي

وَما أنْ أُبالي جفاءً لهمْ

إذا كنت وحدَك لي واصلي

ولمّا جلعتك لِي مَوْئِلاً

دعاني الورى خيرَ ما وائلِ

فأسندتُ ظهري إلى يَذْبُلٍ

وألقيتُ ثِقْلي على بازِلِ

وإنّي مقيمٌ وإن أجدبتْ

بلادي عَلى الرّجل الفاضلِ

ولستُ بغير الطّوالِ الخُطا

إلى الفخر في النّاس بالحافلِ

ولا مِن حياض الأذى والصَّدى

يُزعزعني قطُّ بالنّاهلِ

وَليسَ الفتى للّذي سار عن

ه من دَنَسِ العِرْضِ بالغاسلِ

فخذها ومِن بعدها مثلَها

فكمْ ذا تُنبّه من غافلِ

مقالاً يبرّح بالقائلين

وقد جاء عفواً من القائلِ

ولَم أكُ قبل اِمتداحي علا

ك إلّا كبُرْدٍ بلا رافلِ

فهبْ لِيَ ما فات من زلّةٍ

فما زلتَ تصفح عن واهلِ

وفي الشّعر إمّا خمولُ النّبيه

وإمّا التَّنابُلُ للخاملِ

وما كلُّ مَن قرعتْ كفُّهُ

لأبوابه فيه بالدّاخلِ

فلا زال نجمُك نجمُ السّعو

دِ غيرَ الخفيِّ ولا الآفلِ

وبُقّيتَ مشتملاً بالثَّواء

بغير رحيلٍ مع الرّاحلِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات