ألا طرقتنا والثريا كقرطها

ديوان ناصح الدين الأرجاني

ألا طرقَتْنا والثُّريّا كقُرْطِها

وقد بَرَدَتْ في نَحْرِها دُرُّ سِمْطِها

فهاجَتْ على القَلْبِ المَشوقِ صَبابةً

نفَيْتُ الكَرى عن مُقلَتَيَّ لفَرْطها

وما بَرِحَتْ حتّى تَهاوَتْ منَ الدُّجَى

فَرائدُ أَعياها تَعجُّلُ لَقْطها

وبَثَّ مَشيبُ الصُّبْحِ أَوضاحَ فَرعِه

فغَضّتْ جُفونُ اللّيلِ عن لَمْع وَخْطها

سَرتْ وصَبا نَجْدٍ معاً من عِراصِها

فما عَبِقَتْ إلاّ بأَعطافِ مِرْطها

فَزِعْتُ إلى دَمْعي على جَرَيانِه

فلم يُغْنِ عن إنهالِ خَدٍّ لِخَطّها

بَلَلْتُ به خَدّي وفي القلبِ غُلّتي

وكم غَيْثُ أَرْضٍ جازَ مَوضِعَ قَحْطها

وإنّ للَيْلَى في فُؤادي مَحلّةً

متى يَرْمِها الواشي بسَهْمٍيُخَطِّها

على أنّ لَيلَى إن أَصابَتْ وَقلّما

شَكَرْنا لها أَو أَخطأَتْ لم نُخَطِّها

كأنّ وِسادي بعدَ توديعِ طَيْفِها

قَتادٌ وقد كَفّلتِ جَفْني بخَرْطها

فهل زَورةٌ أُخرَى اللّيالي مُعادَةٌ

علىَّ حَرِيّاً مَن نَوى ماء شَطّها

ولو شَرَطَتْ روحي ثَوابَ مَسيرِها

فما قَدْرُ روحي في الوفاءِ بشَرْطها

لَعلَّ زماناً أنْ يَعودَ كعَهْدِه

فتَرضَى قُلوبٌ جَمّةٌ بَعدَ سُخْطها

وقد يُعقبُ المّيلُ الطّويلُ صَبيحةً

وتَقرُبُ دارُ الحَيَّ من بَعْدِ شَحْطها

وللهِ ما تَخْدِي بنا كُلُّ رَسْلةٍ

يَعُطُّ رداءَ البِيدِ أَيسَرُ عَطّها

وقد قُلتُ لمّا عارضَتْ عُقَدَ الِلّوَى

وهَبّتْ معَ الحادي بغَوْريِّ سِقْطها

كأنّ مَصوغاتٍ بأيدي عِجالِها

إذا ذَعرتْ ليلُ الكئيبِ بخَبْطها

إلى أينَ مَسرَى العِيسِ تحت رِحالِها

وبابُ أَمينِ المُلْكِ خَيرُ مَحَطِّها

فَسِيروا إلى أفناء أبيضَ ماجدٍ

له من بُيوتِ المجدِ غُرّةُ وَسْطها

كريمٌ إذا مَرَّ العذولُ بسَمْعِه

يُراجِعُ عن سَمْحِ الأنامِلِ سَبْطها

حَميدٌ على سَهْلِ الزّمانِ وَوَعْرِه

وثَبْتٌ على جَوْرِ اللّيالي وقِسْطها

فكم غايةٍ يا ابْنَ الكرامِ بلَغْتَها

على صَهوةٍ من صَعبةٍ لم تُوَطّها

وكم نعمةٍ أعطَيْتَها وهْي جَزْلَةٌ

ولكنّني نَشّرتُها لم أغَطَها

شكَرتُ فزِدْنا زادَك الله نعمةً

تَدومُ على شِيبِ اللّيالي وشُمْطها

وجُدْ لي بحالٍ بعدَ مالٍ وهَبْتَه

فما عُقْدَةٌ إلا وأنتَ لِنَسْطها

فإنّيَ مَنْسوبٌ إليكَ مَودّةً

وفَخْرُ سَراةِ النّاسِ في عِزِّ رَهطها

فإنّ القوافي الغُرَّ ما لم تَسِرْ بِها

لكالشّمسِ ما دامَتْ تُقيمُ بخَطّها

فحرِّرْ لآدابي سُطورَ عنايةٍ

هيَ الوَسْمُ في ضاحي سَوالفِ عُلْطها

واتْعَبْ بها كفَّ الكريمة شأنُها

متَى تُسألِ الجَدْوى العظيمةَ تُعْطِها

وإنّ يَميناً لا تَضُنُّ بمالِها

لَمَرجُوَّةٌ ألاّ تَضُنَّ بخَطّها

فلا زال تَصريفُ العِنانِ لقَبْضها

ولا زال تَخْليدُ الثَناءِ لبَسطها

ولا زال إسخاطُ العَذولِ ببَذْلِها

ولا زال إرضاءُ الملوكِ بضَبطها

ولا زالتِ الأقلامُ حين تُديرُها

وقد أخذَتْ من كُلِّ حُسنٍ بقِسْطها

تَشُقُّ قلوبَ الحاسدِينَ كشَقِّها

وتُلْقي رُؤوسَ المارقينَ كقَطّها

ولا عجَبٌ أن تَملِكَ العَينَ إن جرَتْ

وماسَتْ على القرطاسِ أعطافُ رُقْطها

فما اللّحْظُ من عَينِ الفتاة كجَرْيها

وما الخالُ في خَدِّ المَليحِ كنَقطها

فما زال يَعلو نَجْمُ جَدِّك صاعداً

إذا ما جُدودُ القومِ أهوتْ لهَبْطها

وإنّي لأَرجو أن تُرى لك دَولةٌ

تُطيلُ شفاهُ النّاسِ خِدمةَ بُسْطها

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأرجاني، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات