ألا خذها كمصباح الظلام

ديوان أبو نواس

أَلا خُذها كَمِصباحِ الظَلامِ

سَليلَةَ أَسوَدٍ جَعدٍ سُخامِ

مُعَتَّقَةً كَما أَوفى لِنوحٍ

سِوى خَمسينَ عاماً أَلفُ عامِ

أَقامَت في الدِنانِ ولَم تَضِرها

وَلَكِن زانَها طولُ المُقامِ

أُشَبِّهُها وَقَد صُفَّت صُفوفاً

بِأَشياخٍ مُعَمَّمَةٍ قِيامِ

يَشُجُّ القَطرُ أَرأُسَها وَتَسفي

عَلَيها الريحُ عاماً بَعدَ عامِ

فَجاءَت كَالدُموعِ صَفاً وَحُسناً

كَقَطرِ الطَلِّ في صافي الرُخامِ

أُتيحَ لَها مَجوسِيٌّ رَقيقٌ

نَقِيَّ الجَيبِ مِن غِشٍّ وَذامِ

فَسَيَّلَها بِرِفقٍ مِن بِزالٍ

فَسالَ إِلَيهِ عَيّوقُ الظَلامِ

وَأَبرَزَها وَقَد بَطِرَت وَصارَت

شَمولاً مِن مُماطَلَةِ الجِمامِ

تَرى فيها الحَبابَ وَقَد تَدَلّى

كَمِثلِ الدُرِّ سُلَّ مِنَ النِظامِ

تَرى إِبريقَنا كَالطَيرِ سامٍ

لَهُ فَرخانِ مِن دُرٍّ وَسامِ

إِذا ما زَقَّ فَرخاً مِن سُلافٍ

تَراهُ دامِياً مِن بَينِ دامِ

فَخُذها إِن أَرَدتَ لَذيذَ عَيشٍ

وَلا تَعدِل خَليلِيَ بِالمُدامِ

وَإِن قالوا حَرامٌ قُل حَرامٌ

وَلَكِنَّ اللَذاذَةُ في الحَرامِ

وَخُذ مِن كَفِّ جارِيَةٍ وَصيفٍ

رَخيمَ الدَلِّ مَلثوغَ الكَلامِ

لَها شَكلُ الإِناثِ وَبَينَ بَينَ

تَرى فيها تَكاريهَ الغُلامِ

فَأَحياناً تُقَطِّبُ حاجِبَيها

وَأَحياناً تَثَنّى كَالحُسامِ

وَغَنِّ إِذا طَرِبتَ فَدَتكَ نَفسي

وَقَد كَحَلَتكَ أَسبابُ المَنامِ

أَلا حَيِّ الحَبيبَةَ بِالسَلامِ

وَإِن هِيَ لَم تُطِق رَجعَ الكَلامِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو نواس، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات