ألا حي رهبى ثم حي المطاليا

ديوان جرير

أَلا حَيِّ رَهبى ثُمَّ حَيِّ المَطالِيا

فَقَد كانَ مَأنوساً فَأَصبَحَ خالِيا

فَلا عَهدَ إِلّا أَن تَذَكَّرَ أَو تَرى

ثُماماً حَوالي مَنصَبِ الخَيمِ بالِيا

أَلا أَيُّها الوادي الَّذي ضَمَّ سَيلُهُ

إِلَينا نَوى ظَمياءَ حُيِّيتَ وادِيا

إِذا ما أَرادَ الحَيُّ أَن يَتَزايَلوا

وَحَنَّت جِمالُ الحَيِّ حَنَّت جِمالِيا

فَيا لَيتَ أَنَّ الحَيَّ لَم يَتَفَرَّقوا

وَأَمسى جَميعاً جيرَةً مُتَدانِيا

إِذا نَحنُ في دارِ الجَميعِ كَأَنَّما

يَكونُ عَلَينا نِصفُ حَولٍ لَيالِيا

إِلى اللَهِ أَشكو أَنَّ بِالغَورِ حاجَةً

وَأُخرى إِذا أَبصَرتُ نَجداً بَدا لِيا

نَظَرتُ بِرَهبى وَالظَعائِنُ بِاللِوى

فَطارَت بِرَهبى شُعبَةٌ مِن فُؤادِيا

وَما أَبصَرَ الناسُ الَّتي وَضَحَت لَهُ

وَراءَ خُفافِ الطَيرِ إِلّا تَمادِيا

وَكائِن تَرى في الحَيِّ مِن ذي صَداقَةٍ

وَغَيرانَ يَدعو وَيلَهُ مِن حِذارِيا

إِذا ذُكِرَت لَيلى أُتيحَ لِيَ الهَوى

عَلى ما تَرى مِن هِجرَتي وَاجتِنابِيا

خَليلَيَّ لَولا أَن تَظُنّا بِيَ الهَوى

لَقُلتُ سَمِعنا مِن عَقيلَةَ داعِيا

قِفا فَاِسمَعا صَوتَ المُنادي لَعَلَّهُ

قَريبٌ وَما دانَيتُ بِالوُدِّ دانِيا

إِذا ما جَعَلتُ السِيَّ بَيني وَبَينَها

وَحَرَّةَ لَيلى وَالعَقيقَ اليَمانِيا

رَغِبتُ إِلى ذي العَرشِ مَولى مُحَمَّدٍ

لِيَجمَعَ شَعباً أَو يُقَرِّبَ نائِيا

أَذا العَرشِ إِنّي لَستُ ما عِشتُ تارِكاً

طِلابَ سُلَيمى فَاِقضِ ما كُنتَ قاضِيا

وَلَو أَنَّها شاءَت شَفَتني بِهَيِّنٍ

وَإِن كانَ قَد أَعيا الطَبيبَ المُداوِيا

سَأَترُكُ لِلزُوّارِ هِنداً وَأَبتَغي

طَبيباً فَيَبغيني شِفاءً لِما بِيا

فَإِنَّكِ إِن تُعطَي قَليلاً فَطالَما

مَنَعتِ وَحَلَّأتِ القُلوبَ الصَوادِيا

دُنُوَّ عِتاقِ الخَيلِ لِلزَجرِ بَعدَما

شَمَسنَ وَوَلَّينَ الخُدودَ العَواصِيا

إِذا اكتَحَلَت عَيني بِعَينِكِ مَسَّني

بِخَيرٍ وَجَلّى غَمرَةً عَن فُؤادِيا

وَيَأمُرُني العُذّالُ أَن أَغلُبَ الهَوى

وَأَن أَكتُمَ الوَجدَ الَّذي لَيسَ خافِيا

فَيا حَسَراتِ القَلبِ في إِثرِ مَن يُرى

قَريباً وَيُلفى خَيرُهُ مِنكَ نائِيا

تُعَيِّرُني الإِخلافَ لَيلى وَأَفضَلَت

عَلى وَصلِ لَيلى قُوَّةٌ مِن حِبالِيا

فَقولا لِواديها الَّذي نَزَلَت بِهِ

أَوادِيَ ذي القَيصومِ أَمرَعتَ وادِيا

فَقَد خِفتُ أَلّا تَجمَعَ الدارُ بَينَنا

وَلا الدَهرُ إِلّا أَن تُجِدَّ الأَمانِيا

أَلا طَرَقَت شَعثاءُ وَاللَيلُ مُظلِمٌ

أَحَمَّ عُمانِيّاً وَأَشعَثَ ماضِيا

لَدى قَطَرِيّاتٍ إِذا ما تَغَوَّلَت

بِنا البيدُ غاوَلنَ الحُزونَ القَياقِيا

تَخَطّى إِلَينا مِن بَعيدٍ خَيالُها

يَخوضُ خُدارِيّاً مِنَ اللَيلِ داجِيا

فَحُيِّيتَ مِن سارٍ تَكَلَّفَ مَوهِناً

مَزاراً عَلى ذي حاجَةٍ مُتَراخِيا

يَقولُ لِيَ الأَصحابُ هَل أَنتَ لاحِقٌ

بِأَهلِكَ إِنَّ الزاهِرِيَّةَ لا هِيا

لَحِقتُ وَأَصحابي عَلى كُلِّ حُرَّةٍ

وَخودٍ تَبارى الأَحبَشِيَّ المَكارِيا

تَرامَينَ بِالأَجوازِ في كُلِّ صَفصَفٍ

وَأَدنَينَ مِن خَلجِ البُرينِ الذَفارِيا

إِذا بَلَّغَت رَحلي رَجيعٌ أَمَلَّها

نُزولِيَ بِالمَوماةِ ثُمَّ اِرتِحالِيا

مُخَفِّقَةٌ يَجري عَلى الهَولِ رَكبُها

عِجالاً بِها ما يَنظُرونَ التَوالِيا

يُخالُ بِها مَيتُ الشِخاصِ كَأَنَّهُ

قَذى عَرَقٍ يَضحى بِهِ الماءُ طامِيا

لَشَقَّ عَلى ذي الحِلمِ أَن يَتبَعَ الهَوى

وَيَرجو مِنَ الأَقصى الَّذي لَيسَ لاقِيا

وَإِنّي لَعَفُّ الفَقرِ مُشتَرَكُ الغِنى

سَريعٌ إِذا لَم أَرضَ داري اِحتِمالِيا

جَريءُ الجَنانِ لا أُهالُ مِنَ الرَدى

إِذا ما جَعَلتُ السَيفَ مِن عَن شِمالِيا

وَإِنّي لَأَستَحيِيكَ وَالخَرقُ بَينَنا

مِنَ الأَرضِ أَن تَلقى أَخاً لِيَ قالِيا

وَقائِلَةٍ وَالدَمعُ يَحدِرُ كُحلَها

أَبَعدَ جَريرٍ تُكرِمونَ المَوالِيا

فَرُدّي جِمالَ البَينِ ثُمَّ تَحَمَّلي

فَما لَكِ فيهِم مِن مَقامٍ وَلا لِيا

تَعَرَّضتُ فَاِستَمرَرتَ مِن دونِ حاجَتي

فَحالَكَ إِنّي مُستَمِرٌّ لِحاِيا

وَإِنّي لَمَغرورٌ أُعَلَّلُ بِالمُنى

لَيالِيَ أَرجو أَنَّ مالَكَ مالِيا

فَأَنتَ أَبي ما لَم تَكُن لِيَ حاجَةٌ

فَإِن عَرَضَت أَيقَنتُ أَن لا أَبا لِيا

بِأَيِّ نِجادٍ تَحمِلُ السَيفَ بَعدَما

قَطَعتَ القُوى مِن مِحمَلٍ كانَ باقِيا

بِأَيِّ سِنانٍ تَطعُنُ القَومَ بَعدَما

نَزَعتَ سِناناً مِن قَناتِكَ ماضِيا

أَلَم أَكُ ناراً يَصطَليها عَدُوُّكُم

وَحِرزاً لِما أَلجَأتُمُ مِن وَرائِيا

وَباسِطَ خَيرٍ فيكُمُ بِيَمينِهِ

وَقابِضَ شَرٍّ عَنكُمُ بِشَمالِيا

إِذا سَرَّكُم أَن تَمسَحوا وَجهَ سابِقٍ

جَوادٍ فَمُدّوا وَاِبسُطوا مِن عِنانِيا

أَلا لا تَخافا نَبوَتي في مُلِمَّةٍ

وَخافا المَنايا أَن تَفوتَكُما بِيا

أَنا اِبنُ صَريحَي خِندِفٍ غَيرَ دِعوَةٍ

يَكونُ مَكانُ القَلبِ مِنها مَكانِيا

وَلَيسَ لِسَيفي في العِظامِ بَقِيَّةٌ

وَلِلسَيفِ أَشوى وَقعَةً مِن لِسانِيا

أَبِالمَوتِ خَشَّتني قُيونُ مُجاشِعٍ

وَما زِلتُ مَجنِيّاً عَلَيَّ وَجانِيا

وَما مَسَحَت عِندَ الحِفاظِ مُجاشِعٌ

كَريماً وَلا مِن غايَةِ المَجدِ دانِيا

دَعوا المَجدَ إِلّا أَن تَسوقوا كَزومَكُم

وَقَيناً عِراقِيّاً وَقَيناً يَمانِيا

تَراغَيتُمُ يَومَ الزُبَيرِ كَأَنَّكُم

ضِباعٌ بِذي قارٍ تَمَنّى الأَمانِيا

وَآبَ اِبنُ ذَيّالٍ بِأَسلابِ جارِكُم

فَسُمّيتُمُ بَعدَ الزُبَيرِ الزَوانِيا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان جرير، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات