أقول وروح القدس ينفث في النفس

ديوان محيي الدين بن عربي

أقول وروح القدسِ ينفث في النفسِ

بأنَّ وجودَ الحق في العدد الخمسِ

أيا كعبةَ الأشهادِ يا حرمَ الأنسِ

ويا زمزمَ الآمالِ زُمَّ على النَّفسِ

سرى البيت نحو البيتِ يبغي وصاله

وطهر بالتحقيق من دَنَس اللبسِ

فيا حسرتي يوماً ببطن محسر

وقد دلّني الوادي على سَقَر الرَّجْسِ

تجرّعتُ بالجرعاء كأس نامةٍ

على مشهدٍ قد كان مِنيَ بالأمس

وما خفت بالخَيفِ ارتحالي وإنما

أخاف على ذي النفس من ظلمة الرَّمسِ

لمزدَلفِ الحجاجِ أعلمت ناقتي

لأنعمَ بالزُّلفى وألحقَ بالجنسِ

جمعتُ بجمعٍ بين عيني وشاهدي

بوترين لم أشهد به رتبةَ النفس

خلعتُ الأماني بعدما كنتُ في منى

وطوّفتها فانظره بالطرد والعكسِ

ففي الجمرات الغرّ في رَونَق الضحى

حصبتُ عدوّ الجهلِ فارتدّ في نكس

ركنتُ إلى الركن اليماني لأن في اس

تلام اليماني اليمن في جنةِ القدس

صفيتُ على حكم الصفا عن حقيقتي

فما أنا من عُربٍ فصاحٍ ولا فُرس

أقمت أناجي بالمقامِ مهيمناً

تعالى عن التحديد بالفصل والجنسِ

فشاهدته في بيعة الحجر الذي

تسوَّد من نكثِ العهود لذي اللمس

وبالحجر حجرت الوجودَ وكونه

عليَّ فلا يغدو الزمانُ ولا يمسي

وفي رمضان قال لي تعرف الذي

تشاهده بين المهابةِ والأنس

فلما قضيتُ الحج أعلنتُ مُنشداً

بسيري بين الجهر للذات والهمس

سفينة إحساسي ركبت فلم تزل

تسيرها أرواحُ أفكاره الخرس

فلما عدت بحر الوجودِ وعانيت

بسيف النهي من جلعن رتبة الأنس

دعاني به عبدي فلبيت طائعاً

تأمل فهذا القطف فوق جني الغرس

فعانيت موجوداً بلا عينِ مبصر

وسرَّح عيني فانطلقتُ من الحبس

فكنت كموسى حين قال لربّه

أريد أرى ذاتاً تعالتْ عن الحسِّ

فدكَّ الجبالَ الراسياتِ جلاله

وأصعقَ موسى فاختفى العرشُ في الكرسي

وكنتُ كخفَّاشٍ أراد تمتعاً

بشمسِ الضحى فنهدّ من لمحةِ الشمس

فلا ذاتُه أبقى ولا أدركَ المنى

وغودر في الأمواتِ جسماً بلا نفس

ولكنني أدعي على القرب والنوى

بلا كيف بالبعل الكريم وبالعرس

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات