أقول لنفسي واقفا عند مشرف

ديوان ذو الرمة

أَقولُ لِنَفسي وَاقِفاً عِندَ مُشرِفٍ

عَلى عَرَصاتٍ كَالذِبارِ النَواطِقِ

أَلَمّا يَحِنَّ القَلبُ إِلّا تَشوقُهُ

رُسومُ المَغاني وَاِبتِكارُ الحَزائِقِ

وَهَيفٌ تَهيجُ البَينُ بَعدَ تَجاوُرٍ

إِذا نَفَحَت مِن عَن يَمينِ المَشارِقِ

كَأَنَّ فُؤادي قَلبُ جاني مَخوفَة

عَلى النَفسِ إِذ يَكسونَ وَشِيَ النَمارِقِ

وَأَجمَالِ مَيٍّ إِذ يُقَرَّبنَ بَعَدَما

وَخِطن بِذِبّانِ المَصيفِ الأَزارِقِ

وَإِذ هُنَّ أَكتادٌ بِحَوضى كَأَنَّما

زَها الآلُ عِندانَ النَخيلِ البَواسِقِ

طَوالِعُ مِن صُلبِ القَرينَةِ بَعدَما

جَرى الآلُ أَشباهُ المَلاءِ اليَقائِقِ

وَقَد جَعَلَتَ زُرقَ الوَشيجِ حُداتُها

يَميناً وَحوضى عَن شَمالِ المَرافِقِ

عَنودٌ النَوى حُلّالَةٌ حَيثُ تَلتَقي

جَمادٌ وَشرقِيّاتُ رَملِ الشَقائِقِ

تَحِلُّ بِمَرعى كُلِّ إِجلٍ كَأَنَّها

رِجالٌ تَمَشّى عُصبَةً في اليَلامِقِ

وَفَردٍ يَطيرُ البَقُّ عِندَ خصيلِهِ

بِذَبٍّ كَنَفضِ الريحِ ذَيلَ السَرادِقِ

إِذا أَومَضَت مِن نَحوِ مَيٍّ سَحابَةٌ

نَظَرتُ بِعَيني صادِقِ الشَوقِ وامِقِ

هِيَ الهَمُّ وَالوَسانُ وَالنَأيُ دونَها

وَإِحراضُ مِغيارٍ سَئيمِ الخَلائِقِ

وَيَعلمُ رَبّي أَنَّ قَلبي يُحِبُّها

عَلى تِلكَ مِن حالٍ مَتينُ العلائِقَ

وَخَرقٍ كَساهُ اللَيلُ كِسراً قَطَعتُهُ

بِيعَمَلَةٍ بَينَ الدُجى وَالمَهارِقِ

مَراسيلُ تَطوي كُلَّ أَرضٍ عَريضَةٍ

وَسيجاً وَتَنَسَلُّ اِنسلالَ الزَوارِقِ

بَنى دَوأبٍ إِنّي وَجَدتُ فَوارِسي

أَزِمَّةَ غاراتِ الصَباحِ الدَوالِقِ

وَذادَةَ أَولى الخَيلِ عَن أُخرَياتِها

إِذا أَرهَقَت في المَأزِقِ المُتَضائِقِ

فَما شَهِدَت خَيلُ اِمرِئِ القَيسِ غارَةً

بِثَهلانَ تَحمي عَن فُروجِ الحَقائِقِ

أَدَرنا عَلى جَرمٍ وَأَولادٍ مَذحَجٍ

رَحى الحَربِ تَحتَ اللّامِعاتِ الخَوافِقِ

نُثيرُ بِها نَقعَ الكُلابِ وَأَنتُمُ

تُثيرونَ قيعانَ القُرى بِالمَعازِقِ

لَبِسنا لَها سَرداً كَأَنَّ مُتونَها

عَلى القَومِ في الهَيجا مُتونُ الخَرانِقِ

سَرابيلَ في الأَبدانِ مِنهُنَّ صَدأَةٌ

وَبَيضاً كَبَيضِ المُقفِراتِ النَقانِقِ

بِطَعنٍ كَتَضريمِ الحَريقِ اِختِلاسُهُ

وَضَربٍ بِشطَباتٍ صَوافي الرَوانِقِ

صَدَمناهُمُ دونَ الأَمانّي صَدمةً

عَماساً بِأَطوادٍ طِوالٍ شَواهِقِ

إِذا نَطَحَت شَهباءَ شَهباءَ بَينَها

شُعاعُ القَنا وَالمَشرَفيِّ البَوارِقِ

لَنا وَلَهُم جَرسٌ كَأَنَّ وَغاتَهُ

تَقَوَّضُ بِالوادي رُؤوسَ الأَبارِقِ

فَأمسوا بِما بَينَ الهِضابِ عَشيَّةً

بِتَيماءَ صَرعى مِن مُقَضٍّ وَزاهِقِ

أَلا قَبَّحَ اللَهُ القَصيبَةَ قَريةً

وَمَرأَةَ مَأوى كُلِّ زانٍ وَسارِقِ

إِذا قيلَ مَن أَنتُم يَقولُ خَطيبُهُمُ

هَوازِنَ أَوسَعدٌ وَلَيسَ بِصادِقِ

وَلَكِنَّ أَصلَ القَومِ قَد تَعلَمونَهُ

بِحَورانَ أَنباطٌ عِراضُ المَناطِقِ

فَهُذِّ الحَديثَ يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِترُكي

بِلادَ تَميمٍ وَالحَقي بِالرَساتِقِ

دَعِ الهَدرَ يا عَبدَ اِمرِئِ القَيسِ إِنَّما

تَكِشُّ بِأَشَداقٍ قِصارِ الشَقاشِقِ

أَما كُنتَ قَبلَ اليَومِ تَعلَمُ أَنَّما

تَنوءُ بِحَرّاثينَ ميلِ العَواتِقِ

تَظِلُّ ذُرى نَخلِ اِمرِئِ القَيسِ نِسوةً

قِباحاً وَأَشياخاً لِئامَ العَنافِقِ

تَبَينَّ نَقشُ اللُؤمِ في قَسَماتِهمِ

عَلى مُنصَفٍ بَينَ اللِحى وَالمَفارِقِ

عَلى كُلُّ كَهلٍ أَزعَكيٍّ وَيافِعٍ

مِنَ اللُؤمِ سِربالٌ جَديدُ البَنائِقِ

رَمَيتُ اِمرَأَ القَيسِ العَبيدَ فَأَصبَحوا

خَنازيرَ تَكبو مِن هَويِّ الصَواعِقِ

إِذا اَدرَؤوا مِنهُمُ بِقِردٍ رَمَيتَهُ

بِموهِيَةٍ صُمَّ العِظامِ العَوارِقِ

إِذا كَصَّتِ الحَربُ اِمرَأَ القَيسِ أَخَّروا

عَضاريطَ أَو كانوا رِعاءَ الدَقائِقِ

رَفَعتُ لَهُم عَن نِصفِ ساقي وَساعِدي

مُجاهَرةً بِالمِحرَباتِ العَوالِقِ

تَسامى اِمرُؤُ القَيسِ القرُومَ سَفاهةً

وَحَيناً بِعبَدَيها اللئَيمِ وفَاسِقِ

بِأرقَطَ مَحدودٍ وَثَطٍّ كِلاهُما

عَلى وَجهِهِ سِيما اِمرِئِ القَيسِ غَيرِ سائقِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ذو الرمة، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات