أقول لركب رائحين لعلكم

ديوان الشريف الرضي

أَقولُ لِرَكبٍ رائِحينَ لَعَلَّكُم


تَحِلّونَ مِن بَعدي العَقيقَ اليَمانِيا


خُذوا نَظرَةً مِنّي فَلاقوا بِها الحِمى


وَنَجداً وَكُثبانَ اللِوى وَالمَطالِيا


وَمُرّوا عَلى أَبياتِ حَيٍّ بِرامَةٍ


فَقولوا لَديغٌ يَبتَغي اليَومَ راقِيا


عَدِمتُ دَوائي بِالعِراقِ فَرُبَّما


وَجَدتُم بِنَجدٍ لي طَبيباً مُداوِيا


وَقولوا لِجيرانٍ عَلى الخَيفِ مِن مِنىً


تَراكُم مَنِ اِستَبدَلتُمُ بِجِوارِيا


وَمَن حَلَّ ذاكَ الشِعبَ بَعدي وَراشَقَت


لَواحِظُهُ تِلكَ الظِباءَ الجَوازِيا


وَمَن وَرَدَ الماءَ الَّذي كُنتُ وارِداً


بِهِ وَرَعى الرَوضَ الَّذي كُنتُ راعِيا


فَوالَهفَتي كَم لي عَلى الخَيفِ شَهقَةً


تَذوبُ عَليها قِطعَةٌ مِن فُؤادِيا


صَفا العَيشُ مِن بَعدي لَحَيٍّ عَلى النَقا


حَلَفتُ لَهُم لا أَقرَبُ الماءَ صافِيا


فَيا جَبَلَ الرَيّانِ إِن تَعَر مِنهُمُ


فَإِنّي سَأَكسوكَ الدُموعَ الجَوارِيا


وَيا قُربَ ما أَنكَرتُمُ العَهدَ بَينَنا


نَسيتُم وَما اِستَودَعتُمُ الوُدَّ ناسِيا


أَأَنكَرتُمُ تَسليمَنا لَيلَةَ النَقا


وَمَوقِفَنا نَرمي الجِمارَ لَيالِيا


عَشِيَّةَ جاراني بِعَينَيهِ شادِنٌ


حَديثَ النَوى حَتّى رَمى بي المَرامِيا


رَمى مَقتَلي مِن بَينِ سِجفي عَبيطِهِ


فَيا رامِياً لا مَسَّكَ السوءُ رامِيا


فَيا لَيتَني لَم أَعلُ نَشزاً إِلَيكُمُ


حَراماً وَلَم أَهبِط مِنَ الأَرضِ وادِيا


وَلَم أَدرِ ما جَمعٌ وَما جَمرَتا مِنىً


وَلَم أَلقَ في اللاقينَ حَيّاً يَمانِيا


وَيا وَيحَ قَلبي كَيفَ زايَدتُ في مِنىً


بِذي البانِ لا يُشرَينَ إِلّا غَوالِيا


تَرَحَّلتُ عَنكُم لي أَمامِيَ نَظرَةٌ


وَعَشرٌ وَعَشرٌ نَحوَكُم لي وَرائِيا


وَمِن حَذَرٍ لا أَسأَلُ الرَكبَ عَنكُمُ


وَأَعلاقُ وَجدي باقِياتٌ كَما هِيا


وَمَن يَسأَلِ الرُكبانَ عَن كُلِّ غائِبٍ


فَلا بُدَّ أَن يَلقى بَشيراً وَناعِيا


وَما مُغزِلٌ أَدماءُ تُزجي بِرَوضَةٍ


طَلاً قاصِراً عَن غايَةِ السِربِ وانِيا


لَها بَغَماتٌ خَلفَهُ تُزعِجُ الحَشى


كَجَسِّ العَذارى يَختَبِرنَ المَلاهِيا


يَحورُ إِلَيها بِالبُغامِ فَتَنثَني


كَما اِلتَفَتَ المَطلوبُ يَخشى الأَعادِيا


بِأَروَعَ مِن ظَمياءَ قَلباً وَمُهجَةً


غَداةَ سَمِعنا لِلتَفَرُّقِ داعِيا


تُوَدِّعنُا ما بَينَ شَكوى وَعَبرَةٍ


وَقَد أَصبَحَ الرَكبُ العِراقِيُّ غادِيا


فَلَم أَرَ يَومَ النَفرِ أَكثَرَ ضاحِكاً


وَلَم أَرَ يَومَ النَفرِ أَكثَرَ باكِياً

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات