أفي كل وم لي منى أستجدها

ديوان الشريف المرتضى

أفِي كلِّ يومٍ لي مُنىً أستجدّها

وأسبابُ دنياً بالغرُورِ أودُّها

ونفسٌ تنزّى ليتها في جوانحٍ

لذِي قوَّةٍ يَسطيعها فيردّها

تَعامَهُ عَمْداً وهْيَ جِدُّ بصيرةٍ

كما ضلّ عن عشواءَ باللّيل رُشدُها

إذا قلتُ يوماً قد تناهى جِماحُها

تجانَفَ لِي عن منهجِ الحقِّ بعدُها

ولي نَقْدُها من كلِّ شرٍّ وربّما

يكون بخيرٍ لا توفّيه وعدُها

وَأَحْسَبُ مَولاها كَما يَنبغي لَها

وَأنِّيَ من فَرْطِ الإطاعةِ عبدُها

ترى في لساني ما تشاءُ من التُّقى

ومِنْ حَسَناتٍ ثمّ فعلِيَ ضدُّها

وأهوى سبيلاً لا أرى سالكاً بها

كأنِّيَ أقلاها وَغيري يَوَدُّها

وأنسى ذنوباً لِي أتتْ فات حصرُها

حسابي وربّي للجزاءِ يعُدُّها

أقِرُّ بها رَغماً وليس بنافعِي

وَقَد طويتْ صُحْفُ المعاذير جَحْدُها

وَلَمّا تَراءَتْ لي مَغبَّةُ قبحِها

وَعُرِّيَ عن دارِ المُجازاةِ بُرْدُها

تَندّمتُ لمّا لَم تَكُن لي نَدامةٌ

فَألّا وفى كفّي لو شئتُ ردّها

ولم أرَ كالدّنيا تصدّ عن الّذي

يَوَدُّ محبوها فيحسُنُ صدُّها

وتسقيهمُ منها الأُجاجَ مُصَرَّداً

وكيف بها لو طاب للقومِ عِدُّها

تعلّقتُها وَرْهاءَ للخَرْقِ نسجُها

وللمنع ما تُعطي وللحلِّ عقدُها

يُدالُ الهوى فيها مِراراً من الحِجى

ويقتادُها صُغْراً كما شاء وغْدُها

وما أنصَفتنا تظهِرُ الصَّفحَ كلَّهُ

لجانٍ وفيما لا ترى العينُ حِقْدُها

أراها على كلِّ العيوبِ حبيبةً

فيا لقلوبٍ قد حشاهنَّ وُدُّها

وحبُّ بنِي الدّنيا الحياةَ مسيئةً

بهمْ ثَلْمَةٌ بالنّفسِ أعوَزَ سدُّها

أَلا يا أُباةَ الضّيمِ كيف اِطّباكُمُ

وغيرُكُمُ يغترّه الرِّفْدُ رِفدُها

وَكَيفَ رَجَوتمْ خيرَها وإزاءَكمْ

طلائحُ أرْداهنّ بالأمس كدُّها

وقد كنتمُ جرّبتُمُ غِبّ نفعِها

وجرّعكم كأسَ المراراتِ شَهدُها

تَعاقَبَ فيكمُ حرُّها بعد بَردها

فما ضرّها لو حرُّها ثمَّ بردُها

وَلَو لَم تُنِلْكمُ كارِهينَ نَعيمها

لَما ضَرّكم كلَّ المضرّةِ جَهدُها

سَقَى اللَّهُ قلباً لم يَبتْ في ضلوعِهِ

هواها لم يطرقْ نواحيهِ وَجْدُها

ولم يَخشَ منها نحسَها فيبيتُهُ

عَلى ظَمأٍ إلّا مُحيّاهُ سعدُها

تخفّف مِن أزوادها مِلءَ طوقِهِ

فَهانَ عليهِ عندَ ذلك فَقدُها

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات