أعاتب أيامي وما الذئب واحد

ديوان الشريف الرضي

أُعاتِبُ أَيّامي وَما الذِئبُ واحِدٌ


وَهُنَّ اللَيالي البادِياتُ العَوائِدُ


وَأَهوَنُ شَيءٍ في الزَمانِ خُطوبُهُ


إِذا لَم يُعاوِنها العَدوُّ المُعانِدُ


وَكَيفَ تَلَذُّ العَيشَ عَينٌ ثَقيلَةٌ


عَلى الخَلقِ أَو قَلبٌ عَلى الدَهرِ واجِدُ


وَناضِبُ مالٍ وَهوَ في الجودِ نائِضٌ


وَناقِصُ حَظٍّ وَهوَ في المَجدِ زائِدُ


نَضَوتُ شَباباً لَم أَنَل فيهِ سُبَّةً


عَلى أَنَّ شَيطانَ البَطالَةِ مارِدُ


وَكُنتُ قَصيرَ الباعِ عَن كُلِّ مُجرِم


وَمِن عُدَدي قَلبٌ جَرِيٌّ وَساعِدُ


وَعِندي إِباءٌ لا يَلينُ لِغامِزٍ


وَلَو نازَعَتنيهِ الرَقاقُ البَوارِدُ


وَكُلُّ فَتىً لَم يَرضَ عَن عَزمَةِ القَنا


ذَليلاً وَلَو ناجى عُلاهُ الفَراقِدُ


وَلَولا الوَزيرُ الأَزدَ شيريَّ وَحدَهُ


لَغاضَ المَعالي وَالنَدى وَالمَحامِدُ


وَسُدَّ طَريقُ المَجدِ عَن كُلِّ سالِكٍ


وَضاقَت عَلى الآمالِ هَذي المَوارِدُ


فَتَىً نَفَحَتني مِنهُ ريحٌ بَلَيلَةٌ


تُغادِرُ عودي وَهوَ رَيّانُ مائِدُ


وَمَدَّ بِضَبعي يَومَ لا العَثمُ ناصِرٌ


وَلا الرُمحُ مَنّاعٌ وَلا العَضبُ ذائِدُ


وَساعَدَ جَدّي في بُلوغي إِلى العُلى


وَما بَلَغَ الآمالَ إِلّا المُساعِدُ


عَلى حينَ وَلاَني المُقارِبُ صَدَّهُ


وَزادَ عَلى الصَدِّ العَدُوُّ المُباعِدُ


تَوَدُّ العُلى طُلّابُها وَهوَ وادِعٌ


وَيَبلُغُ ما لَم يَبلُغوا وَهوَ قاعِدُ


يُخَلّى لَهُ عَن كُلِّ عِزٍّ وَسُؤدُدٍ


وَيُلقى إِلَيهِ في الأُمورِ المَقالِدُ


أَنيسُ سُروجِ الخَيلِ في كُلِّ ظُلمَةٍ


وَبَينَ الغَواني مَضجَعٌ مِنهُ بارِدُ


هُمومٌ تُناجى بِالعَلاءِ وَهِمَّةٌ


لَها فارِطٌ في كُلِّ مَجدٍ وَرائِدُ


يُعَلِّمُهُ بِهرامُ كُلَّ شَجاعَةٍ


وَيُقطِعُهُ أَقصى المَعالي عُطارِدُ


وَكَيفَ يَغُصُّ الأَقرَبونَ بِوِردِهِ


وَقَد نَهِلَت مِنهُ الرِجالُ الأَباعِدُ


لَكَ اللَهُ ما الآمالُ إِلّا رَكائِبٌ


وَأَنتَ لَها هادٍ وَحادٍ وَقايدُ


أَبى لَكَ إِلّا الفَضلَ نَفسٌ كَريمَةٌ


وَرَأيٌ إِلى فِعلِ الجَميلِ مُعاوِدُ


وَطودٌ مِنَ العَلياءِ مُدَّت سُموكُهُ


فَطالَت ذُراهُ وَاِطمَأَنَّ القَواعِدُ


وَإِنّي لَأَرجو مِن عَلائِكَ دَولَةً


تُذَلَّلُ لي فيها الرِقابُ العَوانِدُ


وَيَوماً يُظِلُّ الخافِقينِ بِمُزنَةٍ


رَزاذٍ غَواديها الرُؤوسُ الشَوارِدُ


لِأَعقِدَ مَجداً يُعجِزُ الناسَ حَلُّهُ


وَتَنحَلُّ مِن هامِ الأَعادي مَعاقِدُ


فَمَن ذا يُراميني وَلي مِنكَ جِنَّةٌ


وَمَن ذا يُدانيني وَلي مِنكَ عاضِدُ


عَلَيَّ رِداءٌ مِن جَمالِكَ واسِعٌ


وَعِندِيَ عِزٌّ مِن جَلالِكَ خالِدُ


وَلَو كُنتُ مِمَّن يَملِكُ المالُ رِقَّهُ


لَقُلتُ بِعُنقي مِن نَداكَ قَلائِدُ


فَلا تَترُكَنّي عُرضَةً لِمُضاغِنٍ


يُطارِدُ في أَضغانِهِ وَأُطارِدُ


وَلَولا صُدودٌ مِنكَ هانَت عَظائِمٌ


تَشُقُّ عَلى غَيري وَذَلَّت شَدائِدُ


وَلَكِنَّكَ المَرءُ الَّذي تَحتَ سُخطِهِ


أُسودٌ تَرامى بِالرَدى وَأَساوِدُ


كَأَنَّكَ لِلأَرضِ العَريضَةِمالِكٌ


وَحيداً وَلِلدُنيا العَظيمَةِ والِدُ


فَعَوداً إِلى الحِلمِ الَّذي أَنتَ أَهلُهُ


فَمِثلُكَ بِالإِحسانِ بادٍ وَعائِدُ


وَحامِ عَلى ما بَينَنا مِن قَرابَةٍ


فَإِنَّ الَّذي بَيني وَبَينَكَ شاهِدُ


وَأَرعِ مَقالي مِنكَ أُذناً سَميعَةً


لَها بِلِقاءِ السائِلينَ عَوائِدُ


وَمُر بِجَوابٍ يُشبِهُ البَدءَ عَودُهُ


لِيُردي عَدوّاً أَو لِيُكبِتَ حاسِدُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات