أصفراء ما أنسى هواك ولا ودي

ديوان بشار بن برد

أَصَفراءُ ما أَنسى هَواكِ وَلا وُدّي

وَلا ما مَضى بَيني وَبَينَكِ مِن وُكدِ

أَبى اللَهُ إِلّا أَن يُفَرِّقَ بَينَنا

وَكُنّا كَماءِ المُزنِ بِالعَسَلِ الشَهدِ

فَيا غادِياً يَختالُ في العِطرِ وَالحُلى

وَيا واقِفاً يَبكي مُقيماً عَلى فَقدِ

أَصَفراءُ ما صَبري وَأَنتِ غَريبَةٌ

كَأَنَّكِ عِندَ اِبنِ السَميذَعِ في لَحدِ

إِذا هَتَفَ القُمرِيُّ راجَعَني الهَوى

بِشَوقٍ وَلَم أَملُك دُموعي مِنَ الوَجدِ

أَصَفراءُ لا تَبعَد نَواكِ فَإِنَّما

يَسوقُ لَكِ المَرأى حَبيبُكِ مِن بُعدِ

نَظَرتُ بِحَوضى هَل أَراكِ فَلَم أُصِب

بَعَيني سِوى الجَرعاءِ وَالأَبلَقِ الفَردِ

فَيا حَزَنا في الصَدرِ مِنكِ حَرارَةٌ

وَفي النَفسِ حاجاتٌ تَشوقُ وَلا تُجدي

وَقالَ اِبنُ مَنظورٍ أَصَبتَ فَلا تَكُن

أَحاديثَ نَمّامٍ تُنيرُ وَلا تُسدي

لَعَلَّكَ تُسلى أَو تُساعِفُكَ النَوى

وَلَم تَلقَ ما لاقى اِبنُ عِجلانَ مِن هِندِ

يُخَوِّفُني مَوتَ المُحِبّينَ صاحِبي

فَطوبى لَهُم سيقوا إِلى جَنَّةِ الخُلدِ

وَما لَقِيَ النَهدِيُّ إِلّا سَعادَةً

بِمَصرَعِهِ صَلّى الإِلَهُ عَلى النَهدي

أَصَفراءُ لَولا ما أُؤَمِّلُ مِن غَدٍ

ضَرَبتُ بِسَيفي رَأسَ قَيِّمِكِ العَبدي

أَصَفراءُ لَو أَرسَلتِ في الريحِ حاجَةً

سَكَنتُ إِلَيها أَو حَرِجتُ مِنَ الجَهدِ

أَما تَذكُرينَ الراحَ وَالعودَ وَالنَدى

وَمَجلِسَنا بَينَ الأُزَيهِرِ وَالصَمدِ

كَأَنّي إِذا ما كُنتُ فيهِ وَلا أَرى

سِوى وَصَفاتِ الدَهرِ أَيّامَها عِندي

تَذَكَّرتُ يَوماً بِالجُرَيدِ وَلَيلَةً

بِذاتِ الغَضا طابَت وَأُخرى عَلى العِدِّ

لَيالِيَ نَدنو في الجِوارِ وَنَلتَقي

عَلى زاهِرٍ يَلقى الغَزالَةَ بِالسَجدِ

فَعاوَدَني دائي القَديمُ بِحُبِّهِ

وَفَرَّ إِلى صَفراءَ قَلبي مِنَ البُردِ

لَقَد كانَ ما بَيني زَماناً وَبَينَها

كَما كانَ بَينَ المِسكِ وَالعَنبَرِ الوَردِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات