أشمس اللقا قد راقني منك مطلع

ديوان الأمير الصنعاني

أشمس اللقا قد راقني منك مطلع

وإني إلى إشراقه أتطلَّع

فهذي النوى للقلب أعظم مفزعٍ

ولم يبق من فقد الأحبة مفزع

فإن نطاق الصبر ضاق عن النوى

وعهدي بصبري وهو من قبلُ أوسع

وقد كان دمع العين عوناً على النوى

ولكنه لم يبق للعين مدمع

تقضَّى عليه الحول والحول بعده

وغَرْبُ النوى من مقلة الصب ينزع

ففارقني دمعي وصبري وودَّعا

فلم أدر أيَّ الظاعنين أودع

أقاتلني ظلماً بعادل قدها

وأصل الهوى من فرعها يتفرع

فريدة حسن إن تثنَّتْ بقدِّها

تنادي ألا هذي المحاسن أجمع

يريك نهاراً وجهها وهو مسفر

وليلاً إذا ما الشعر للوجه برقع

هي الشمس لكن ليس للشمس مقلة

بها السحر ما سر الرقي عنه يدفع

مراض ضعاف صح للصب أنها

تضر قوى القلب حيناً وتنقع

مفوقة من غير قصد سهامها

فتقصد عمداً كل قلب وتصدع

إذا سجدت أقراطها فوق شعرها

فتلك نجوم الأفق في الليل رُكَّعُ

أما لغرامي عند قلبك موقع

وإني في أسر الهوى منك موقع

سقى ليلة مرت على حلو وصلها

على خفض عيش ما ظنناه يرفع

أبث لها وجدي وأبكي صبابة

فتضحك إعجاباً لما هي تسمع

وددْتُ بأن الليل دام وإنه

إلى الحشر لا شمس على الأفق تطلع

فما ضرَّنا إلا بياضُ نهارنا

فإن سواد الليل للقلب أنفع

يقود إلينا من نحب وصاله

ويصرف عنا من كرهنا ويمنع

فلم أنس إذ وافى الصباح كأنه

عدو بتفريق الأحبة مولع

فقامت لتوديعي فقامت قيامتي

وسارت فسار القلب ساعة ودعوا

فقلت عديني واخلفيني وماطلي

فنفسي بوعد من وصالك تقنع

فصبت عيوناً من عيون فواتر

وما خلت أن النرجس الغضَّ يدمع

وقالت لسان الدهر إن وصالها

عليك حرام بعد ذا ليس يرجع

فكان كما قال الزمان وساعدت

وشاة وعذالاً أشاعوا وشيعوا

وما نقم الأحباب في شرعة الهوى

على سوى أني حفظت وضيعوا

أصم إذا في حبهم لام لائم

وكلي لمن يدعو إلى الحب مسمع

حمام اللوى صبراً إلى صاح في الرُّبا

غراب بتشتيت الأحبة أسقع

ويا أيها القلب الذي عبثت به

أكَفُّ النوى هل فيك للصبر موضع

تجلد ولا تهلِكْ أسى وصبابة

فكل بعيد عن قريب سيرجع

فكم عطف الدهر الخؤون لنازح

وأبدله ما لم يكن فيه يطمع

لئن عطلت كأس من الوصل حلوة

فكأس الأماني بالملاقاة مترع

وإن أطبقت سحب البعاد فإنها

سحابةُ صيف عن قريب تقشع

وعما قريب تنجلي ظلمة النوى

ويشرق نور البدر والشمل يجمع

أريد سميى لا الذي هو في السما

على أن هذا في سما المجد يطلع

فيا بدر قد وافى النظام وإنه

لدُرٍّ بلى هذا من الدر أرفع

يضيع لديه المسك إن ضاع في الربا

فأضوع منه النظم والمسك أضْيع

يقود حبيباً عنده وهو مبغض

ويعجب منه البحتري ويفزع

وأطول باعاً من نظام ذوي النُّهى

فقس الأيادي قد غدا وهو أصع

شكرتم به أيام وصل تصرمت

وهجراً شكوتم للقلوب يقطع

صدقتم سقى عصر اللقا كل ديمة

لقد كان لي فيه مصيف ومربع

تقضَّت وما قضيت منها لبانة

وولت فأولتني جوى يتنوع

فهل عائد ذاك الزمان الذي مضى

وهل صلة من عادة الحيِّ تنفع

عسى زمن يا بدر يجمع شملنا

وشمس اللِّقا من بعد ذا البعد تطلع

فينشر ما يطوى البعاد من الجوى

ويطوى من الأوراق هذا الترجع

بقيت لجيد الدهر أفخر زينة

كأنك عقدا بالمعالي مرصع

مفاد مفيد سابق كل سابق

تنال من الأيام ما فيه تطمع

وصل على المختار طه وآله

صلاة وتسليماً إلى الحشر ترفع

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأمير الصنعاني، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات