أسيت إذا غابت الأحجال والغرر

ديوان أبو العلاء المعري

أَسيتُ إِذا غابَتِ الأَحجالُ وَالغُرَرُ

وَإِنَّما الناسُ في أَيّامِهِم عُرَرُ

وَعُذتُ بِاللَهِ مِن عامٍ أَخي سَنَةٍ

نُجومُهُ في دُخانٍ ثائِرٍ شَرَُر

كَأَنَّما بُرُّهُ دُرٌّ لِعِزَّتِهِ

وَكَيفَ تُؤكَلُ عِندَ المُعدِمِ الدُرَرُ

وَطَرَّةُ الرَوضِ يُدمي الرِجلَ مَوطِئُها

يُنسيكَ ما جَنَتِ الأَصداغُ وَالطُرَرُ

أَدرِر يَمينَكَ بِالجَدوى إِذا قَدَرَت

إِنَّ المَنايا لَعَمرِيَ مَنهَجٌ دَرَرُ

وِقابُ أَسماعِنا جاءَت بِمَنفعَةٍ

وَما أَتَتنا بِشَيءٍ يُحمَدُ السُرَرُ

سَرّاءُ دَهرِكَ لَم تَكمُل لَدى أَحدٍ

فَلَيتَ طِفلَكَ لَم تُقطَع لَهُ سُرَرُ

أَسَرَّكَ الآنَ أَن تُلقى عَلى قَلَقٍ

مِثلَ الأَسَرِّ حَماهُ نَومَهُ السُرَرُ

لَم نَهجُرِ الماءَ إِلّا بَعدَ تَجرِبَةٍ

لَقَد شَرِبنا فَلَم تَذهَب بِها الحِرَرُ

سَرارَةُ الوَهدِ يَلقى الجَنبُ مَضجَعَها

خَيرٌ مِنَ التِبرِ مَنسوجاً بِهِ السُرُرُ

ما قُرَّةُ العَينِ ذاتُ الوِردِ مَعوِزَةٌ

وَغُيِّبَت عَن بَواكي الأَعيُنِ القُرَرُ

فينا التَحاسُدُ مَعروفٌ فَهَل حَسِدَت

مُجتَرَّةُ الإِبلِ أُخرى ما لَها جِرَرُ

ما شِرَّةٌ مِن خَليلِ النَفسِ واحِدَةٌ

لا بَل تُوافيكَ مِن تِلقائِهِ شِرَرُ

نَهاكَ ناهيكَ عَن بَيعٍ عَلى غَرَرٍ

وَأَنتَ كُلُّكَ فيما بانَ لي غَرَرُ

أَمّا عُقَيلٌ فَما عَن ظُلمِها عُقُلٌ

تِلكَ الصَريراتُ فيهِمِ ضاعَت الصُرَرُ

مَرُّ اللَيالي إِذا اِستَولى عَلى مَرَسٍ

تَقَضَّبَت مِنهُ بِالمُستَمسَكِ المِرَرُ

وَالشَرُّ في الإِنسِ مَبثوثٌ وَغَيرِهِمُ

وَالنَفعُ مُذ كانَ مَمزوجٌ بِهِ الضَرَرُ

تَشاكَلوا في سَجِيّاةٍ مُذَمَّمَةٍ

وَأَشبَهَت لَبواتِ الغابَةِ الهِرَرُ

تَناقُضٌ في بَني الدُنيا كَدَهرِهِمُ

يَمضي المَقيظُ وَتَأتي بَعدَهُ القِرَرُ

لِلَّهِ دُرُّ شَبابٍ سارَ ظاعِنُهُ

لَو رَدَّهُ مِن دُموعِ الآسِفِ الدَرَرُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العلاء المعري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات