أرقت أكف الدمع طورا وأسفح

ديوان ابن خفاجة

أَرَقتُ أَكُفَّ الدَمعِ طَوراً وَأَسفَحُ

وَأَنضَحُ خَدّي تارَةً ثُمَّ أَمسَحُ

وَدونَكَ طَمّاحٌ مِنَ الماءِ مائِجٌ

يُعَبُّ وَمُغبَرٌّ مِنَ التُربِ أَفيَحُ

وَإِنّي إِذا ما اللَيلُ جاءَ بِفَحمَةٍ

لَأوري زِنادَ الهَمِّ فيها فَأَقدَحُ

وَأُتبِعُ طيبَ الذِكرِ أَنَّةُ موجَعٍ

فَيَنفَحُ هَذا حَيثُ هاتيكَ تَلفَحُ

وَأَلقى بَياضَ الصُبحِ يَسوَدُّ وَحشَةً

فَأَحسِبُني أُمسي عَلى حينَ أُصبِحُ

وَيوحِشُني ناعٍ مِنَ اللَيلِ ناعِبٌ

فَأَزجُرُ مِنهُ بارِحاً لَيسَ يَبرَحُ

وَأَستَقبِلُ الدُنيا بِذِكرى مُحَمَّدٍ

فَيَقبُحُ في عَينَيَّ ماكانَ يَلمُحُ

وَأُشفِقُ مِن مَوتِ الصِبا ثُمَّ إِنَّني

لَآمُلُ أَنَّ اللَهَ يَعفو وَيَصفَحُ

غُلامٌ كَما اِستَخشَنتَ جانِبَ هَضبَةٍ

وَلانَ عَلى طَشٍّ مِنَ المُزنِ أَبطَحُ

أَقولُ وَقَد وافى كِتابُ نَعيِهِ

يُجَمجِمُ في أَلفاظِهِ فَيُصَرِّحُ

أَرامٍ بِأَغماتٍ يُسَدِّدُ سَهمَهُ

فَيَرمي وَقَلبٌ بِالجَزيرَةِ يُجرَحُ

فَيا لَغَريبٍ فاجأَتهُ مَنِيَّةٌ

أَتَتهُ عَلى عَهدِ الشَبابِ تُلَحلِحُ

كَأَنَّ لَهيباً بَينَ جَنبَيَّ واقِداً

بِهِ وَرَكايا بَينَ جَفنَيَّ تُمتَحُ

جَلَستُ أَسومُ الدَهرَ فيهِ مَلامَةً

وَكُنتُ كَما قَد كُنتُ أُثني وَأَمدَحُ

تَراني إِذا أَعوَلتُ حُزناً حَمامَةً

تُرِنُّ وَطَوراً أَيكَةً تَتَرَنَّحُ

غَريقاً بِبَحرِ الدَمعِ وَالهَمُّ وَالدُجى

وَلَو كانَ بَحراً واحِداً كُنتُ أَسبَحُ

أُحَمِّلُ أَنفاسَ الشَمالِ تَحِيَّةً

يَنوءُ بِها مِن ماءِ جَفني فَيَرزَحُ

فَلي نَظرَةٌ نَحوَ السَماءِ وَلَوعَةٌ

تَلَدَّدُ بي نَحوَ الجَنوبِ فَأَجنَحُ

فَرادَعتُ عَنها النَفسَ وَالنَفسُ صَبَّةٌ

وَراوَغتُ حُسنَ الصَبرِ وَالصَبرُ أَرجَحُ

فَنَمِّ بِأَسرارِ الصَبابَةِ مَدمَعي

وَكُلُّ إِناءٍ بِالَّذي فيهِ يَرشَحُ

وَأَيأَستُ قَلباً كانَ يَخفِقُ تارَةً

وَتَنزو بِهِ الآمالُ طَوراً فَيَطمَحُ

فَما أَتَلَقّى الرَكبَ أَرجو تَحِيَّةً

تُوافي لَهُ أَو رُقعَةً تَتَصَفَّحُ

فَفي ناظِري لِلَّيلِ مَربَطُ أَدهَمٍ

وَفي وَجنَتي لِلدَمعِ أَشهَبُ يَجمَحُ

إِذا كانَ قَصرُ الأُنسِ بِالإِلفِ وَحشَةً

فَما أَشتَهي أَنّي أُسَرُّ فَأَفرَحُ

فَيا عارِضاً يَستَقبِلُ اللَيلَ واكِفاً

وَيَسري فَيَطوي الأَطوَلَينِ وَيَمسَحُ

تَحَمَّل إِلى قَبرِ الغَريبِ مَزادَةً

مِنَ الدَمعِ تَندى حَيثُ سِرتَ وَتَنضَحُ

وَأَحفى سَلامٍ يَعبُرُ البَحرَ دونَهُ

فَيَندى وَأَزهارَ البِطاحِ فَتَنفَحُ

وَعَرِّج عَلى مَثوى الحَبيبِ بِنَظرَةٍ

تَراهُ بِها عَيني هُناكَ وَتَلمَحُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن خفاجة، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات