أرغمت آنف حاسديك بسفرة

ديوان ناصح الدين الأرجاني

أرْغَمْتَ آنُفَ حاسدِيكَ بسَفْرةٍ

سفَرتْ فأبدَتْ وجْهَ جَدٍّ مُقْبِلِ

وقَدِمتَ والصّومُ المُبارَكُ قادمٌ

فاسْعَدْ بصَوْمٍ عيدُه في الأوَّل

أضحَى الّذي ما زلْتَ ناصرَ دينِه

لك ناصراً فأطالَ رَغْمَ الخُذّل

والقاهِرُ المُسْمِيكَ فينا عَبْدَهُ

قَهر العِدا لك قَهْرةً لم تُمْهِل

فكفاكَ عاديةَ العَدوِّ المُعْتدي

ووَقاكَ طارقةَ الخُطوبِ النُّزَّل

فاذْكُرْ إذَنْ خُططاً أظلّتْ وانجلَتْ

واشكُرْ إذَنْ نُعْمَى وَهوبٍ مُجْزِل

نُعمىً تُذَلِّلُ كُلَّ مَن عادَيْتَه

ولكلِّ صَعْبٍ قد رَكبْتَ مُذَلَّل

نَفْسي فِداؤك من كريمٍ لم يَزَلْ

سامي ذُراهُ من النّوائبِ مَعْقِلي

قسَماً لقد جاهدْتُ فيك أعادياً

فكفَيْتُ منهمْ كُلَّ شَكْلٍ مُشْكِل

وَرُمِيتُ فيك من الجَفاء بأَسْهمٍ

ولئنْ عَراك الشّكُّ فيه فاسْأل

وقُصدْتُ في نَفْسي وفي ابْني بالّتي

فَرِحَتْ لها نَفْسُ العَدُوِّ الأرذَل

والدّهْرُ قد تُنتابُ فيه عَجائبٌ

يِكْسِرْنَ رامحَ أهلِه بالأَعْزَل

فانْظُرْ إليَّ اليومَ نَظْرةَ مُسْعِدٍ

فعلَى انتصارِك يا كبيرُ مُعوَّلي

فلَطالما من أينَ جِئْتُك راغباً

لاقَيْتُ تَطْويلي بفَضْلِ تَطَوُّل

فمتَى أرَدْتُ الجاه كنتَ مُناولي

ومتى أردْتُ المالَ كنتَ مُنوِّلي

ومتى اقتبَسْتُ رأيتُ أكبرَ فاضِلٍ

وإذا التَمَسْتُ رأيتُ أكبرَ مُفْضِل

وإذا طلَبْتُ النّصرَ يومَ حفيظةٍ

جَرّدْتَ دوني كُلَّ عَضْبٍ مِفْصَل

يا باخِلاً بالعِرْضِ من كرَمٍ به

حتّى إذا سُئلَ اللُّها لم يَبْخَل

فلَوَ انّني أوفَيْتُ شَوْقيَ حَقّه

لَركبْتُ أجنحةَ الصَّبا والشّمْأل

ولئن شفَيْتُ العَينَ منك بنَظْرةٍ

تَسمو بطَرْفِ النّاظرِ المُتأَمِّل

فلأصفحَنَّ عنِ الزّمانِ وما جنَى

إذْ عاد عَودةَ نادمٍ مُتنَصِّل

وبغَيْرِ شُكْري نِعمةً بك جُدِّدَتْ

سِرّي وجَهْري بعدَها لم أَشغَل

رجَع الزّمانُ إلى الرِّضا فارْجِعْ له

وإذا صُروفُ الدَّهْرِ نابَتْ فاقْبل

فكما إليك اللهُ أحْسَنَ مَعْقَباً

نَصْراً فأَحسِنْ يا هُمامُ وأَجْمِل

وأَعِد إليّ بعَيْنِ لُطْفِك نَظْرةً

واحْكُمْ على زَمني المُعانِدِ واعْدِل

ولقَدْرِ مِثْلي فَضْلُ مِثْلِك عارِفٌ

فابْرُزْ فقد خِفْتُ الخُطوبَ وعَجِّل

مات الخواطِرُ في الزّمانِ فأَحْيِها

وبدا النّقائصُ في القضاء فكَمِّل

حتّى أُشهِّرَ فيك كلَّ بديعةٍ

تَثْني زمامَ الرّاكبِ المُستَعْجِل

غَرّاءُ يَحسُدُك الملوكُ بغُرِّها

حُسْناً إذا جُلِيَتْ لعَينِ المُجْتَلي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأرجاني، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

أهلا بوجهك من صباح مقبل

أَهْلاً بوَجْهِك من صَباحٍ مُقْبِلٍ وبجُودِ كَفِّك من سَحابٍ مُسْبِلِ وإذا الصّباحُ معَ السّحابِ تَرافَقا مُتَسايرَيْنِ إلى مَعالمِ مَنْزلي سَعِدَتْ فأشْرَق كُلُّ نادٍ مُظْلمٍ منها…

تعليقات