أربت بعينيك الدموع السوافح

ديوان جرير

أَرَبَّت بِعَينَيكَ الدُموعُ السَوافِحُ

فَلا العَهدُ مَنسِيٌّ وَلا الرَبعُ بارِحُ

مَحى طَلَلاً بَينَ المُنيفَةِ فَالنَقا

صَباً راحَةٌ أَو ذو حَبِيَّينِ رائِحُ

بِها كُلُّ ذَيّالِ الأَصيلِ كَأَنَّهُ

بِدارَةِ رَهبى ذو سِوارَينِ رامِحُ

أَلا تَذكُرُ الأَزمانَ إِذ تَتبَعُ الصِبا

وَإِذ أَنتَ صَبٌّ وَالهَوى بِكَ جامِحُ

وَإِذ أَعيُنٌ مَرضى لَهُنَّ رَمِيَّةٌ

فَقَد أُقصِدَت تِلكَ القُلوبُ الصَحائِحُ

مَنَعتِ شِفاءَ النَفسِ مِمَّن تَرَكتِهِ

بِهِ كَالجَوى مِمّا تُجِنُّ الجَوانِحُ

تَرَكتِ بِنا لوحاً وَلَو شِئتِ جادَنا

بُعَيدَ الكَرى ثَلجٌ بِكَرمانَ ناصِحُ

رَأَيتُ مَثيلَ البَرقِ تَحسِبُ أَنَّهُ

قَريبٌ وَأَدنى صَوبِهِ مِنكَ نازِحُ

إِذا حَدَّثَت لَم تُلفِ مَكنونَ سِرِّها

لِمَن قالَ إِنّي بِالوَديعَةِ بائِحُ

فَتِلكَ الَّتي لَيسَت بِذاتِ دَمامَةٍ

وَلَم يَعرُها مِن مَنصِبِ الحَيِّ قادِحُ

تَعَجَّبُ أَن ناصى بِيَ الشَيبُ وَاِرتَقى

إِلى الرَأسِ حَتّى اِبيَضَّ مِنّي المَسائِحُ

فَقَد جَعَلَ المَفروكَ لا نامَ لَيلُهُ

يُحِبُّ حَديثي وَالغَيورُ المُشايِحُ

وَما ثَغَبٌ باتَت تُصَفِّقُهُ الصَبا

بِصَرّاءِ نِهيٍ أَتأَقَتهُ الرَوايِحُ

بِأَطيَبَ مَن فيها وَلا طَعمُ قَرقَفٍ

بِرَمّانَ لَم يَنظُر بِها الشَرقَ صابِحُ

قِفا فَاِستَخيرا اللَهَ أَن تُشحَطَ النَوى

غَداةَ جَرى ظَبيٌ بِحَومَلَ بارِحُ

نَظَرتُ بِشِجعى نَظرَةً فِعلَ ذي هَواً

وَأَجبالُ شِجعى دونَها وَالأَباطِحُ

لِأُبصِرَ حَيثُ اِستَوقَدَ الحَيُّ بِالمَلا

وَبَطنُ المَلا مِن جَوفِ يَبرينَ نازِحُ

إِذا ما أَرَدنا حاجَةً حالَ دونَها

كِلابُ العِدى مِنهُنَّ عاوٍ وَنابِحُ

وَمِن آلِ ذي بَهدى طَلَبناكَ رَغبَةً

لِيَمتاحَ بَحراً مِن بُحورِكَ مايِحُ

إِذا قُلتُ قَد كَلَّ المَطِيُّ تَحامَلَت

عَلى الجَهدِ عيدِيّاتُهُنَّ الشَرامِحُ

بِأَعرافِ مَوماةٍ كَأَنَّ سَرابَها

عَلى حَدَبِ البيدِ الأُضاءُ الضَحاضِحُ

قَطَعنَ بِنا عَرضَ السَماوَةِ هَزَّةً

كَما هَزَّ أَمراساً بِلينَةَ ماتِحُ

جَرَيتَ فَلا يَجري أَمامَكَ سابِقٌ

وَبَرَّزَ صَلتٌ مِن جَبينِكَ واضِحُ

مَدَحناكَ يا عَبدَ العَزيزِ وَطالَما

مُدِحتَ فَلَم يَبلُغ فَعالَكَ مادِحُ

تُفَدّيكَ بِالآباءِ في كُلِّ مَوطِنٍ

شَبابُ قُرَيشٍ وَالكُهولُ الجَحاجِحُ

أَتَغلِبُ ما حُكمُ الأُخَيطَلِ إِذ قَضى

بِعَدلٍ وَلا بَيعُ الأُخَيطَلِ رابِحُ

مَتى تَلقَ حُوّاطي يَحوطونَ عازِباً

عَريضَ الحِمى تَأوي إِلَيهِ المَسالِحُ

أَتَعدِلُ مَن يَدعو بِقَيسٍ وَخِندَفٍ

لَعَمرُكَ ميزانٌ بِوَزنِكَ راجِحُ

يَميلُ حَصى نَجدٍ عَلَيكَ وَلَو تُرى

بِغَوريِّ نَجدٍ غَرَّقَتكَ الأَباطِحُ

فَلَو مالَ مَيلٌ مِن تَميمٍ عَلَيكُمُ

لِأُمِّكَ صِلدامٌ مِنَ العِزِّ قارِحُ

وَقُلتَ لَنا ما قُلتَ نَشوانَ فَاِصطَبِر

لِحُرِّ القَوافي لَم يَقُلهُنَّ مازِحُ

فَكَم مِن خَبيثِ الريحِ مِن رَهطِ دَوبَلٍ

بِدِجلَةَ لا تَبكي عَلَيهِ النَوايِحُ

تَرَدَّيتَ في زَوراءَ يَرمي بِمَن هَوى

رُؤوسَ الحَوامي جولَها المُتَطاوِحُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان جرير، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات