أرأيك أمضى أم حسامك يقطع

ديوان ابن خفاجة

أَرَأيُكَ أَمضى أَم حُسامُكَ يَقطَعُ

وَمرآكَ أَبهى أَم حَديثُكَ يُسمَعُ

وَكُلٌّ لَهُ في جانِبِ المُلكِ مَسلَكٌ

كَريمٌ وَمِن نَفسِ الإِمارَةِ مَوقِعُ

لَكَ الخَيرُ ما أَهداكَ وَالسَهمُ صائِبٌ

يَطيشُ وَما أَعداكَ وَالخَيلُ تُمزَعُ

وَلا غَيرَ أَطرافِ الأَسِنَّةِ مِقوَلٌ

يُبينُ وَلا غَيرَ الفَرائِصِ مِسمَعُ

وَما الوَشيُ حُسناً غَيرَ بيضِ مَحاسِنٍ

لَبِستَ عَلى عِطفَي عُلاكَ وَتَخلَعُ

وَلا النَجمُ نَأياً غَيرَ ذُروَةِ مَعقِلٍ

تَذودُ العِدى عَن جانِبَيهِ وَتَمنَعُ

تَفوتُ رَجاءَ المُرتَجينَ وُعودُهُ

وَيَدنو بِهِ سَعدُ الأَميرِ فَيَطمَعُ

أَحَطتَ بِهِ حَصرَ الإِحاطَةِ مُضعِفاً

تُزَلزِلُ مِن أَركانِهِ وَتُضَعضَعُ

وَأَمطَرتَهُ غَيثاً مِنَ العَيثِ واكِفاً

يُظاهِرُهُ وَبلٌ مِنَ النُبلِ يَهمَعُ

تَضُمُّ جَناحَ الجَيشِ حَولَيهِ ضَمَّةً

تَكادُ بِها أَضلاعُهُ تَتَقَعقَعُ

فَكَم ضَربَةٍ فَوهاءَ ثَمَّ وَمُقلَةٍ

جَرَت هَذِهِ تَدمى وَهاتيكَ تَدمَعُ

وَلا بَأسَ إِلّا مِن سُيوفِكَ تُنتَضى

وَلا سَعدَ إِلّا في رِماحِكَ تُشرَعُ

وَهَل أَنتَ إِلا رَحمَةُ اللَهِ تَنكَفي

عَذاباً عَلى أَهلِ المَعاصي فَتَقمَعُ

فَكَم حِرزِ عِزٍّ قَد غَشيتَ بِبَطشَةٍ

تُصِمُّ العِدى رَجّاتُها حينَ تُسمَعُ

وَغادَرتَهُ مِن مَعقِلٍ وَهوَ مَعقَرٌ

لِمُعتَقِديهِ مَصنَعاً وَهوَ مَصرَعُ

فَأَنجَزَ فيهِ مَوعِدَ السَيفِ فاتِكٌ

يَهونُ عَلَيهِ الجانِبُ المُتَمَنِّعُ

وَأَهوى بِهِ طيبُ الحَديثِ فَنَشرُهُ

يَخُبُّ بِهِ رَكبُ الثَناءِ وَيوضَعُ

إِذا هَزَّ أَعطافَ المَعالي حَسِبتَهُ

يُديرُ بِها كَأساً عَلَيهِ تُشَعشَعُ

وَحَسبُكَ مِن فَلجٍ لِأَبيَضَ واضِحٌ

يُعيدُ وَيُبدي في المَعالي فَيُبدِعُ

وَيا رُبَّ جَيشٍ لِلعَدُوِّ كَأَنَّهُ

عُبابُ خِضَمٍّ قاد طَمى يَتَدَفَّعُ

عَرَضَت لَهُ وَاللَيثُ دونَكَ جُرأَةً

فَأَجفَلَ إِجفالَ النَعامَةِ يَجزَعُ

وَلَقَّيتَهُ ريحَ المَهابَةِ بارِحاً

فَأَقلَعَ إِقلاعَ الغَمامَةِ تَقشَعُ

وَأَدبَرَ لا يَلوي عَلى مُتَعَذِّرٍ

حِذارَ فَتىً يَسري إِلَيهِ فَيُسرِعُ

وَقَد جالَ دَمعُ القَطرِ في مُقلَةِ الدُجى

وَلَفَّت نَواصي الخَيلِ نَكباءُ زَعزَعُ

لَهُ مِن صُدورِ الأَعوَجِيَّةِ وَالقَنا

شَفيعٌ إِلى نَيلِ الأَماني مُشَفَّعُ

وَظَفَّرَهُ في مُلتَقى الخَيلِ ساعِدٌ

أَلَفُّ وَقَلبٌ بَينَ جَنبَيهِ أَصمَعُ

وَأَبيَضُ يَتلو سورَةَ الفَتحِ يُنتَضى

وَيَستَقبِلُ الفَرق الكَريمَ فَيَركَعُ

وَمُنجَرِدٌ ضَخمُ الجُزارَةِ أَوحَدٌ

يَطيرُ بِهِ تَحتَ العَجاجَةِ أَربَعُ

وَحَصداءُ تَزري بِالسِنانِ حَصينَةً

وَوَجهٌ وَقّاحٌ بِالحَديدِ مُقَنَّعُ

رَتَعَت عَلى حُكمِ السَماحِ بِرَبعِهِ

وَمَربَعُ أَبناءِ السَماحَةِ مَرتَعُ

وَعُجتَ عَلَيهِ عَوجَةَ الصَبِّ شاقَهُ

بَريقٌ تَراءى آخِرَ اللَيلِ يَلمَعُ

وَلَم أَرِدِ الأَوشالَ أَنقَعُ غُلَّةً

وَيُمنى أَبي إِسحاقَ لِلبَحرِ مَنبَعُ

وَهَضبَتُهُ أَحمى جَناباً لِخائِفٍ

وَأَبطَحُهُ أَندى مُراداً وَأَمرَعُ

فَمَن مِثلُ إِبراهيمَ وَالصُبحُ أَبلَجٌ

وَمَن مِثلُ إِبراهيمَ وَالحَقُّ أَصدَعُ

إِمامٌ تَدانى رَأفَةً وَسَما بِهِ

إِلى المَجدِ بَيتٌ طاوَلَ النَجمَ أَروَعُ

تَجَلّى وَمِن بَطحاءِ مَكَّةَ حَنَّةٌ

إِلَيهِ وَلِلبَيتِ الحَرامِ تَطَلَّعُ

تَرى لِقُرَيشٍ فيهِ بَرقَ مَخيلَةٍ

يَلوحُ وَعِرقاً لِلخِلافَةِ يَنزَعُ

أَما وَأَيادٍ أَنطَقَتني بِحَمدِهِ

وَقَد طَوَّقَتني وَالحَمامَةُ تَسجَعُ

لَئِن هُزَّ مِن أَرجاءِ حِمصَ مَسَرَّةً

حَديثٌ بِمَلقاهُ إِلَيها يُرَجَّعُ

لَقَد نابَ مِنّا وَالخُطوبُ مُمِضَّةٌ

وَشيكُ نَواهُ وَالحَوادِثُ توجِعُ

وَفارَقَني صَبري لِذِكرى فِراقِهِ

وَشافَهَني قَبلَ الوَداعِ تَوَدُّعُ

وَكُنتُ جَمادَ العَينِ أَجهَلُ ما البُكى

فَعَلَّمَني داعي النَوى كَيفَ تَدمَعُ

فَأَستَودِعُ اللَهَ الأَميرَ وَمُهجَةً

أُشَيِّعُها في مَن هُناكَ أُشَيِّعُ

وَهُنِّئتَها مِن دارِ مُلكٍ وَهُنِّئَت

بِهِ مَلِكاً وَاللَهُ يُعطي وَيَمنَعُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن خفاجة، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات