أدنياي اذهبي وسواي أمي

ديوان أبو العلاء المعري

أَدُنيايَ اِذهَبي وَسِوايَ أُمّي

فَقَد أَلمَمتِ لَيتَكِ لَم تُلِمّي

وَكانَ الدَهرُ ظَرفاً لا لِحَمدٍ

تُؤَهِّلُهُ العُقولُ وَلا لِذَمِّ

وَأَحسَبُ سانِحَ الإِزميمِ نادى

بِبَينِ الحَيِّ في صَحراءِ زَمِّ

إِذا بَكرٌ جَنى فَتَوَقَّ عُمراً

فَإِنَّ كِلَيهِما لِأَبٍ وَأُمِّ

وَخَف حَيَوانَ هَذي الأَرضِ وَاِحذَر

مَجيءَ النَطحِ مِن روقٍ وَجُمِّ

وَفي كُلِّ الطِباعِ طِباعُ نُكرٍ

وَلَيسَ جَميعُهُنَّ ذَواتِ سُمِّ

وَما ذَنبُ الضَراغِمِ حينَ صيغَت

وَصُيِّرَ قوتُها مِمّا تُدَمّي

فَقَد جُبِلَت عَلى فَرسٍ وَضَرسٍ

كَما جُبِلَ الوَقودُ عَلى التَنَمّي

ضِياءٌ لَم يَبِن لِعُيونِ كُمهٍ

وَقَولٌ ضاعَ في آذانِ صُمِّ

لَعَمرُكَ ما أُسَرُّ بِيَومِ فِطرٍ

وَلا أَضحى وَلا بِغَديرِ خُمِّ

وَكَم أَبدى تَشَيُّعَهُ غَوِيٌّ

لِأَجلِ تَنَسُّبٍ بِبِلادِ قُمِّ

وَما زالَ الزَمانُ بِلا اِرتِيابٍ

يُعِدُّ الجَدعَ لِلأَنفِ الأَشَمِّ

أَحاضِنَةَ الغُلامِ ذَمَمتِ مِنهُ

أَذاكِ فَأَرضِعي حَنَشاً وَضُمّي

فَلَو وُفِّقتِ لَم تَسقي جَنيناً

وَلَم تَضَعي الوَليدَ وَلَم تُهَمّي

لَهانَ عَلى أَقارِبِكِ الأَداني

قِيامُكِ عَن خَديجٍ غَيرِ تَمِّ

سَأَلتِ عَنِ الحَقائِقِ وَهيَ سِرٌّ

وَيَخشاكَ المُخَبِّرُ أَن تَنَمّي

وَكَيفَ يَبينُ لِلأَفهامِ مَعنىً

لَهُ مِن رَبِّهِ قَدَرٌ مُعَمّي

وَعِندي لَو أَمِنتُكِ عِلمُ أَمرٍ

مِنَ الجُهّالِ غَيَّبَهُ مُكِمِّ

وَسُمِّيَ إِن أَراقَ الماءَ جِبسٌ

يُراقِبُ جَنَّةً أَن لا يُسَمّي

رَأَيتُ الحَقَّ لُؤلُؤَةً تَوارَت

بِلُجٍّ مِن ضَلالِ الناسِ جَمِّ

أَحُثُّ الخَلقَ مِن ذَكَرٍ وَأُنثى

عَلى حُسنِ التَعبُّدِ وَالتَأَمّي

وَقَد يُلفى الغَريبُ عَلى نَواةٍ

أَعَزَّ عَلَيكَ مِن خالٍ وَعَمِّ

مَتى يَتَبَلَّجِ المُبيَضُّ يَرعى

لِقَومٍ تَحتَ أَخضَرَ مُدلَهِمِّ

وَنَحنُ مُيَمِّمونَ مَدىً بَعيداً

كَأَنّا عائِمونَ غِمارَ يَمِّ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العلاء المعري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات