أدرها بلطف واجعل الرفق مذهبا

ديوان صفي الدين الحلي

أَدِرها بِلُطفٍ وَاِجعَلِ الرِفقَ مَذهَبا

وَحَيّ بِهِ كَأساً مِنَ الراحِ مُذهَبا

وَلا تَطغَ في حَثِّ الكُؤوسِ لِأَنَّنا

شَرِبنا لِنَحيا وَما حَيَينا لِنَشرَبا

فَإِنَّ قَليلَ الراحِ لِلروحِ راحَةٌ

فَإِن زادَ مِقداراً عَنِ العَدلِ أَتعَبا

فَلا تَكُ مَن أَعطى المُدامَ قِيادَهُ

فَأَودَت بِهِ وَاِستَوطَأَ الجَهلَ مَركَبا

فَإِنَّ كَثيراً مَن يَظُنُّ كَثيرَها

إِذا زادَ زادَ النَفعُ أَو كانَ أَقرَبا

كَظَنِّهِمِ في كَثرَةِ الأَكلِ أَنَّها

إِذا أَفرَطَت أَمسى بِها الجِسمُ مُخصِبا

أَضَلّوا الوَرى مِن جَهلِهِم وَتَنَزَّهوا

عَنِ الجَهلِ حَتّى صارَ جَهلاً مُرَكَّبا

وَأَعجَبُ أَنَّ السُكرَ في كُلِّ مِلَّةٍ

حَرامٌ وَإِن أَمسى إِلَيها مُحَبَّبا

وَتُكثِرُ مِنها المُسلِمونَ لِسُكرِها

وَتَترُكُ نَفعاً لِلقَليلِ مُحَرَّما

وَإِن نَظَروا يَوماً لَبيباً مُداوِياً

بِها الهَمَّ قالوا باخِلاً مُتَطَبِّبا

وَما السُكرُ إِلّا حاكِمٌ مُتَسَلِّطٌ

إِذا هُوَ قاوى أَغلَباً كانَ أَغلَبا

فَإِن شِئتَ يَوماً شُربَها فَاِتَّخِذ لَها

حَكيماً لَبيباً أَو نَديما مُهَذَّبا

وَخِلٍّ دَعاني لِلصَبوحِ أَجَبتُهُ

وَقُلتُ لَهُ أَهلاً وَسَهلاً وَمَرحَبا

وَأَقطَعتُهُ كِفلاً مِنَ الأَمنِ بَعدَما

بَسَطتُ لَهُ صَدراً مِنَ الدَهرِ أَرحَبا

وَأَبرَزتُها صَفراءَ تَحسِبُ كَأسَها

غِشاءً مِنَ البَلورِ يَحمِلُ كَهرَبا

وَعاطَيتُهُ صَفراءَ وَيُشرِقُ وَجهُها

بِنورٍ يُرينا أَدهَمَ اللَيلِ أَشهَبا

طَليقَةُ وَجهٍ ثَغرُها مُبتَسِمٌ

إِذا ما حَساها باسِمُ الثَغرِ قَطَبا

وَبِتنا نُوَفّي العَيشَ بِاللَهوِ حَقَّهُ

وَنَسرَحُ في رَوضٍ مِنَ الأُنسِ أَعشَبا

وَإِنّي لَأَهوى مِن نَدامايَ ماجِداً

إِذا خامَرَتهُ الراحُ زادَ تَأَدُّبا

إِذا ما أُمِرَّت مُرَّةٌ في مَذاقِها

رَآها لِقُربي مِن جَنى النَحلِ أَعذَبا

فَأَوجَبَ مَعَ مِثلي عَلى النَفسِ شُربَها

فَإِن لَم يَكُن مِثلاً أَرى التُركَ أَوجَبا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان صفي الدين الحلي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات