أداري المقلتين عن ابن ليلى

ديوان الشريف الرضي

أُداري المُقلَتَينِ عَنِ اِبنِ لَيلى


وَيَأبى دَمعُها إِلّا لَجاجا


لَها ثَبطٌ عَلى الأَيّامِ باقٍ


تَجيشُ بِها مَعيناً أَوأُجاجا


كَأَنَّ بِها رَكِيَّةَ مُستَميتٍ


يُخَضخِضُها بُكوراً وَاِدِّلاجا


أَذودُ النَفسَ عَنهُ وَذاكَ مِنها


عِنانٌ ما مَلَكتُ لَهُ مَعاجا


كَأَنَّ العَينَ بَعدَ اليَومَ جُرحٌ


إِذا طَبّوا لَهُ غَلَبَ العِلاجا


تَجُمَّ عَلى القَذى وَتَفيضُ دَمعاً


مَطالُ الداءِ وَادَعَ ثُمَّ هاجا


وَأَينَ كَفارِسِ الفُرسانِ عَمرٍو


إِذا رُزءٌ مِنَ الحِدثانِ فاجا


بِحَقٍّ كانَ أَوّلَهُم وُلوجاً


عَلى هَولٍ وَآخِرَهُم خَراجا


إِذا رَسَبَت حَصاةُ القَلبِ مِنهُ


طَفا قَلبُ الجَبانِ بِهِ اِنزِعاجا


بَكَيتُكَ لِلسَوابِقِ موضِعاتٍ


قِماصُ السِربِ أَعجَزَ أَن يُعاجا


يُقَرِّطُها الأَعِنَّةَ مُبدَلاتٍ


مَكانَ جِلالِها العَلَقَ المُجاجا


يَدَعنَ عَلى الأَجالِدِ مَوضَحاتٍ


كَأَنَّ عَلى مَفارِقِها شِجاجاً


وَإِرقاصِ المَطِيِّ عَلى وَجاها


يَجبُنَ إِلى العُلى طُرُقاً نِهاجا


مُرَنَّقَةَ العُيونِ كَأَنَّ فيها


دِهانَ مَواقِدٍ يَصِفُ الزَجاجا


وَرِثتَ عَنِ الأَبَينِ قَناً وَبَأساً


فَأَنفَقتَ اللَهاذِمَ وَالزِجاجا


وَمُنخَرِقٍ أَخوتَ السَيفَ فيهِ


وَحَبلُ اللَيلِ يَندَمِجُ اِندِماجا


أَرابَكَ فَاِكتَلَأتَ بِغَيرِ رُمحٍ


كَأَنَّ عَلى عَوامِلِهِ سِراجا


تَوَقَّرُ جاشَكَ الأَهوالُ فيهِ


إِذا اِعتَلَجَ الجَبانُ بِهِ اِعتِلاجا


وَقَد جابَ الذَميلُ عَليكَ وَهناً


مِنَ الظَلماءِ مَدرَعَةً وَساجا


وَمَزلَقَةٍ تُرَشُّ بِها المَنايا


وَتَسمَعُ لِلقُلوبِ بِها رَجاجا


وَفُقتَ بِشَوكِ أَخمَصِكَ العَوالي


وَيَلقى المَرءُ لِلغَمِّ اِنفِراجا


وَمُظلِمَةٍ مِنَ الغَمَراتِ عَطشى


جَعَلتَ لَها مِنَ القُضبِ اِنبِلاجا


وَمائِلَةٍ أَقَمتَ لَها كُعوباً


وَقَد شَغَرَت عَلى القَومِ اِعوِجاجا


وَداهِيَةٍ تُشَوِّلُ بِالذُنابى


غَدَوتَ لِبابِ مَطلَعِها رِتاجا


وَمُعضِلَةٍ كَفيتَ وَذاتِ وَهيٍ


شَدَدتَ لَها العِراقي وَالعِناجا


وَفاصِلَةٍ كَسَيلِ الطودِ عَجلى


قَطَعتَ بِها التَشادُقَ وَالضَجاجا


وَآنِيَةِ اللُحومِ مِنَ القَضايا


أَعَدتَ لَهُنَّ كَيّاً أَو نُضاجا


وَشارِدَةٍ رَبَطتَ لَها الحَوايا


وَقَد مَرِحَ البِطانُ بِها وَماجا


وَرَأيٍ يَفرُقُ الجُلّى وَيَهدي


وَراءَ مَضيقِها سُبُلاً فِجاجا


قَطَعتَ بِمَطرَبَيهِ عَلى تَمارٍ


خِلاجَ الشَكِّ إِنَّ لَهُ خِلاجا


كَأَنَّكَ صُبتَ مِنهُ بِذاتِ فَرعٍ


عَلى البَوغاءِ لَبَّدَتِ العَجاجا


كَمَزلَقَةِ الذُبابِ إِذا أُمِرَّت


عَلى ذي الداءِ بالِغَتِ الوِداجا


لَئِن نَبَحَتهُ آوِنَةً كِلابٌ


لَقَد لَبِسَت بِهِ الأَسَدَ المُهاجا


فَمَن يَزَعُ العُرَيبَ إِذا تَناغَت


وَيَضرِبُ بَينَ غارِبِها سِياجا


وَيُذكِرُها الحُلومَ عَلى تَناسٍ


وَقَد بَلَغَت حَفائِظُها الهِياجا


يُحاجِجُها عَنِ الأَرحامِ حَتّى


يُقِرَّ القَومُ أَنَّ لَهُ الحِجاجا


وَمَن رَدَّ النَقائِذَ بَعدَ يَأسٍ


وَقَد جاوَزنَ ضُوراً وَالوِلاجا


تَغَلغَلَ في النَفاقِ قُنِيُّ سَعدٍ


رَواغَ الذِئبِ قَد وَلَجَ الحِراجا


تَمادَحَتِ الرَبابُ بِهِ وَكانَت


تُنابَزُ بِالمَعائِبِ أَو تُهاجى


بِرُغمي أَن يَكُنَّ قَنا تَميمٍ


قَضَينَ عَلى الذَنائِبِ مِنكَ حاجا


حَمَيتَ مَنابِتَ الرَمرامِ مِنهُم


وَأَخلَيتَ الأَناعِمَ وَالنَباجا


مَنَعتَهُمُ اللِقاحَ وَمُلقَحاتٍ


يَكادُ الخَوفُ يَمنَعُها النَتاجا


فَما لَقِحَت لَهُم إِلّا اِختِلاساً


وَلا وَلَدَت لَهُم إِلّا خِداجا


أَبى الباغونَ مِثلَ مَداكَ إِلّا


ضَلالاً عَن طَريقِكَ وَاِنعِراجا


سَأَبعَثُها عَلَيكَ مُسقِفاتٍ


طِباقَ الأَرضِ أُطلِعُها الفِجاجا


مُسالاتِ الأَغِرَّةِ مُلجَماتٍ


وِحاداً أَو مُقَرَّنَةً زِواجا


وَأَجعَلُها سُلوّاً بَعدَ يَأسٍ


وَمِن أَلَمِ الصَدى وَرَدَ الأُجاجا


أَقاضٍ حَقَّ قَبرِكَ ذو غَرامٍ


أَعاجَ الرَكبَ عَن طَرَبٍ وَعاجا


يُريقُ عَليكَ ماءَ القَلبِ صِرفاً


وَماءُ العَينِ يَجعَلُهُ مِزاجا


وَلَو بَلَغَ المُنى إِنسانُ عَيني


خَلا مِنها وَأَسكَنَكَ الحُجاجا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات