أحقا جرى ما يسبل العبرات

ديوان الأمير الصنعاني

أحقاً جرى ما يسبل العبرات

ويجري دماء العين لا الدمعات

وحق له شق القلوب تأسفاً

إذا شقت الأثواب بالنكبات

وأن ينحر السلوان في كل مقلة

ويجري دم السلوان في الوجنات

لقد كاد روحي أن يفيض من الأسى

ويسلبني حزني ثياب حياتي

فيا عين قد أسعدت بالدمع فارفقي

ولا تحرقي الأكوان بالزفرات

وهل نافع دمع يسيل ومهجة

تذوب وعضي حسرة لشفاتي

وأقسم لو كانت جميع جوارحي

عيوناً وجاد الكل بالعبرات

لما بررت من نار حربي جذوة

ولو غرفت من دجلة وفرات

بلى في مقام الصبر لو كان ممكناً

غني عن دموع العين والحسرات

ولكنه قد عيل كل تصبري

وما كل صبر في الخطوب مؤاتي

لقد ضاق ثوب الصبر عن شر ما جرى

وكان قديماً سائر النكبات

ولكن لي في المصطفى ووصيه

وسبطيه والزهر أوذي الثفنات

مجال لترويد التأسي وسلوة

فإن التأسي مرهم العثرات

أتى خبر أجرى الدموع وألهب ال

قلوب عقيب العصر من عرفات

فكذبته من هوله ثم ردني

رسائل أعلام أتت وثقات

رسائل مثل الشهد لفظاً وفعلها

بقلبي فعل السم واللسعات

وقوم كأمثال الأراقم سُمُّها

ورب قتيل كان باللفظات

أتى من أزال قاصم الظهر ليتها

أتت قبل أن يأتي إليَّ وفاتي

بأن قد ثوى من لا يقاس به الورى

وقد حمل التقوى إلى الحفرات

فيا عجباً هل يدفن الزهد والتقى

يهال عليه الترب بالحثوات

ضياء الهدى من قد سما بفعاله

إلى الملأ الأعلى ذوي الدرجات

به تكشف البلوى ويندفع البلى

وتستنزل الأمطار في الأزمات

عليم حكيم حافظ للسانه

وأفعاله إلا عن القربات

أليف التقى خدن الهدى صاحب العلى

حليف كتاب اللّه في الخلوات

سيبكي عليه كل محراب مسجد

ويلبس سربالاً من الظلمات

فقد كان قنديل المساجد في الدجى

ينورها بالذكر والصلوات

وَصُولٌ لأرحام قطوع المظالم

لطيف السجايا طيب الحركات

وأزهد خلق اللّه في زينة الدنا

وأطمعهم في الخير والحسنات

ذكي يحل المشكلات بذهنه

وَقُورٌ وُقُورَ الصخر في الفلوات

مضى طاهر الأثواب مثر من التُّقَى

فقير من الزلاَّت والهفوات

صفات علاه الشمس في رونق الضحى

وهل منكم للشمس في الضحوات

وواللّه ما بلغت فيما وصفته

بلى ما بلغت العشر في كلماتي

وكل على ظهر البسيطة شاهد

بصدق الذي فاهت به نفثاتي

وخير الرثا ما كان حقاً وشره

كلام أتى بالزور والكذبات

وما كل من يرثي حقيق بوصفه

ولا كل راث صادق اللفظات

إلى اللّه أشكو فقده وفراقه

شتات أني من بعد طول شتات

وموت أتى من بعد بَيْنٍ وغربة

تَقضَّت بها سبعٌ من السنوات

وقد كنت أشكو فقده في حياته

وأرجو لقاه قبل حين وفاتي

فما راعني إلا الرحيل بذاته

إلى منزل كل إليه سيأتي

رحلت إلى جنات عدن مكرماً

وخلفتني للحزن والزفرات

فواللّه لا أنساك حتى يضمنا

وإياك رب العرش في الغرفات

وإني لأرجو اللّه يلحقني به

سليماً من الزلات والتبعات

وبعدك لا آسى على فقد فائت

أبعدك شيء موجع بفوات

وخفف حزني أنني مذ عرفته

مطيع له فيما يقول ويأتي

وما الفضل لي في بره أعانني

على بره بالعفو عن هفواتي

فيا قبره حياً وابل رحمة

تزورك في الآصال والغدوات

وجادك هطَّال من الرَّوْج والرضا

يبل ثراه طيب النفحات

وطوباك قد ضميت في بطنك العلى

وواريت كل الخير والبركات

فزارك مني كل حين تحية

تصير بها أحجاره عطرات

وصل على المختار والآل أسوة ال

مصابين في ماضي الزمان وآتي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأمير الصنعاني، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات