أحباي أما الود مني فراسخ

ديوان ابن معصوم

أَحبّاي أَمّا الودُّ منّي فَراسخُ

وإن حالَ دوني عن لقاكم فراسخُ

كأَنَّ نَهاري بعدكم نابُ حَيَّةٍ

وَليلي إذا ما جنَّ أسودُ سالخُ

نأيتم فَلا حرُّ الفِراقِ مُفارِقٌ

فؤادي ولا جمرُ الصَبابة بائخُ

وَكَيفَ وأَنفاسي من الشَوق والجَوى

لنارِ الأَسى بين الضُلوع نَوافخُ

لئن نسخَ البينُ المشِتُّ وِصالَنا

فَما هو للحبِّ المبرِّحِ ناسِخُ

وَلَيلٍ كَيوم الحَشرِ طُولاً سَهرتُهُ

وَبين جُفوني وَالمَنام بَرازِخُ

وَكَم لَيلَةٍ مَدَّت دُجاها كأَنَّما

كواكِبُها فيها رواسٍ رواسِخُ

أَرِقتُ بها وَالصبحُ قد حالفَ الدُجى

فَما نَسرُها سارٍ ولا الديك صارخُ

كأَنَّ نجومَ الأفق غاصَةُ لُجَّةٍ

توحَّلنَ فالأَقدامُ منها سوائخُ

كأَنَّ حناديسَ الظَلام أَداهِمٌ

لَها غُدرٌ ملء الجباه شوادِخُ

كَأَنَّ سهيلاً راح قابسَ جَذوَةٍ

فَوافى وأَنضاءُ النجوم روابخُ

كأَنَّ صغارَ الشُهب في غَسَق الدُجى

فِراخُ نُسورٍ والبُروج مَفارِخُ

كأَنَّ مُعلّى القُطب فارسُ حومة

علا قِرنَه في مُلتَقى الكرِّ شامخُ

كأَنَّ رَقيقَ الأفق بُردٌ مفوَّفٌ

له مَوهنُ الظَلماء بالمسك ضامخُ

كأَنَّ ذُكا باعَت من المُشتَري اِبنها

فَلَم تَستَقِل بَيعاً ولا هو فاسِخُ

فَيا لكَ من لَيلٍ طَويلٍ كأَنَّه

على كُلِّ لَيلٍ بالتَطاول باذِخُ

وَفي القَلب أَنواعٌ من الشوق جمَّةٌ

تُدَكُّ لأدناها الجِبالُ الشوامخُ

وَلا مثلُ شَوقي لابنِ عَبدٍ فإنَّه

لِصَبري إذا حاولته عنه ماسخُ

فَيا أَيُّها الشَيخُ الَّذي أَذعَنَت له

شَبابٌ عَلى علّاتها وَمَشايخُ

لَعَمري لأَنتَ الصادقُ الودّ في الوَرى

ومَن حُبُّه في حَبَّة القَلب راسخُ

لكَ الكَلِماتُ الغرُّ وَالمَنطِقُ الَّذي

أَقرَّ له بالفضل قارٍ وَناسِخُ

عليك سَلامُ اللَه ما حَنَّ مُغرَمٌ

وما دوَّخ الأَحشاء للشَوق دايخُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن معصوم، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات