أبكاء في الدار بعد الدار

ديوان البحتري

أَبُكاءً في الدارِ بَعدَ الدارِ

وَسُلواً بِزَينَبَ عَن نَوارِ

لا هَناكَ الشُغلُ الجَديدُ بِحُزوى

عَن رُسومٍ بِرامَتَينِ قِفارِ

ما ظَنَنتُ الأَهواءَ قَبلَكَ تُمحى

مِن صُدورِ العُشّاقِ مَحوَ الدِيارِ

نَظرَةً رَدَّتِ الهَوى الشَرقَ غَرباً

وَأَمالَت نَهجَ الدُموعِ الجَواري

رُبَّ عَيشٍ لَنا بِرامَةٍ رَطبٍ

وَلَيالٍ فيها طِوالٍ قِصارِ

قَبلَ أَن يُقبِلَ المَشيبُ وَتَبدو

هَفَواتُ الشَبابِ في إِدبارِ

كُلُّ عُذرٍ مِن كُلِّ ذَنبٍ وَلَكِن

أَعوَزَ العُذوُ مِن بَياضِ العَذارِ

كانَ حُلواً هَذا الهَوى فَأَراهُ

عادَ مُرّاً وَالسُكرُ قَبلَ الخُمارِ

وَإِذا ما تَنَكَّرَت لي بِلادٌ

وَخَليلٌ فَإِنَّني بِالخِيارِ

وَخَدانُ القِلاصِ حولاً إِذا قا

بَلنَ حولاً مِن أَنجُمِ الأَسحارِ

يَتَرَقرَقنَ كَالسَرابِ وَقَد خُض

نَ غِماراً مِنَ السَرابِ الجاري

كَالقِسى المُعَطَّفاتِ بَلِ الأَس

هُمِ مَبرِيَّةً بَلِ الأَوتارِ

قَد مَلِلناكَ يا غُلامُ فَغادٍ

بِسَلامٍ أَو رائِحٌ أَو سارِ

سَرِقاتٌ مِنّي خُصوصاً فَألاً

مِن عَدُوٍّ أَو صاحِبٍ أَو جارِ

أَنا مِن ياسِرٍ وَيُسرٍ وَسَعدٍ

لَستُ مِن عامِرٍ وَلا عَمّارِ

لا أُريدُ النَظيرَ يُخرِجُهُ الشَت

مُ إِلى الاِحتِجاجُ وَالاِفتِخارِ

وَإِذا رُعتُهُ بِناحِيَةِ السَو

طِ عَلى الذَنبِ راعَني بِالفَرارِ

ما بِأَرضِ العِراقِ يا قَومِ حُرٌّ

يَفتَديني مِن خِدمَةِ الأَحرارِ

هَل جَوادٌ بِأَبيَضٍ مِن بَني الأَص

فَرِ ضَخمِ الجُدودِ مَحضِ النِجارِ

لَم تَرُع قَومَهُ السَرايا وَلَم يَغ

زُهُم غَيرُ جَحفَلٍ جَرّارِ

أَو خَميسٍ كَأَنَّما طُرِقوا مِن

هُ بِلَيلٍ أَو صُبِّحوا بِنَهارِ

في زُهاهُ أَبو سَعيدٍ عَلى آ

ثارِ خَيلٍ قَد صَبَّحَتهُ بِثارِ

فَحَطهُ الرِماحُ أَغيَدَ مَجدو

لاً قَصيرَ الزُنّارِ وافي الإِزارِ

يَتَلظّى كَأَنَّهُ لِصُنوفِ السَب

يِ في عَسكَرٍ شِهابُ النارِ

فَوقَ ضَعفِ الصِغارِ إِن وُكِلَ الأَم

رُ إِلَيهِ وَدونَ كَيدِ الكِبارِ

رَشَأٌ تُخبِرُ القَراطِقُ مِنهُ

عَن كَنارٍ يُضيءُ تَحتَ الكَنارِ

لَكَ مِن ثَغرَةِ وَخَدَّيهِ ما شِئ

تَ مِنَ الأُقحُوانِ وَالجُلَّنارِ

أَعجَمِيٌّ إِلّا عَجالَةَ لَفظٍ

عَرَبِيٍّ تَفَتَّحُ النُوّارِ

وَكَأَنَّ الذَكاءَ يَبعَثُ مِنهُ

في سَوادِ الأُمورِ شُعلَةَ نارِ

يا أَبا جَعفَرٍ وَما أَنتَ بِالمَد

عوِّ إِلّا لِكُلِّ أَمرٍ كُبارِ

شَمسُ شَمسٍ وَبَدرُ آلِ حُمَيدٍ

يَومَ عَدِّ الشُموسِ وَالأَقمارِ

وَفَتى طَيِّئٍ وَشَيخُ بَني الصا

مِتِ أَهلِ الأَحسابِ وَالأَخطارِ

لَكَ مِن حاتِمٍ وَأَوسٍ وَزَيدٍ

إِرثُ أُكرومَةٍ وَإِرثُ فَخارِ

سُمُحٌ بَينَ بُرمَةِ أَعشارٍ

تَتَكَفّا وَجَفنَةُ أَكسارِ

وَسُيوفٌ مَطبوعَةٍ لِلمَنايا

واقِعاتٍ مَواقِعَ الأَقدارِ

تِلكَ أَفعالُهُم عَلى قِدَمِ الدَه

رِ فَكانوا جَداوِلاً مِن بِحارِ

أَمَلي فيكُمُ وَحَقّي عَلَيكُم

وَرَواحي إِلَيكُمُ وَاِبتِكاري

وَاِضطِرابي في الناسِ حَتّى عُد

تُ إِلى حاجَةٍ فَأَنتُم قَصاري

وَلَعَمري لَلجودُ لِلناسِ بِالنا

سِ سِواهُ بِالثَوبِ وَالدينارِ

وَعَزيزٌ إِلّا لَدَيكَ بِهَذا ال

فَخِّ أَخذُ الغِلمانِ بِالأَشعارِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات