أبا حسن طال المطال ولم يكن

ديوان ابن الرومي

أبا حسن طال المِطال ولم يكن

غريمك ممطولاً وإني لَصابرُ

وقفت عليك النفس لا أنا واردٌ

على طول أيامي ولا أنا صادر

إذا كنتَ تنسى والمذكِّر غائب

وتدفع أمري والمذكِّر حاضر

فيا ليت شعري والحوادث جمة

متى تُنجز الوعد الذي أنا ناظر

عذرتك لو كان المطال وقد سقَى

جنابي ربيع من سمائك باكر

فأمَّا ولم يُبللْ جنابي بقطرةٍ

فما لك مني في مطالك عاذر

وإن كنتُ لا ألحاك إلا بهاجسٍ

تَناجَى به تحت الصدور الضمائر

متى استبطأ العافون رِفدك أم متى

تقاضاك أثمانَ المحامد شاعر

لِيهنئ رجالاً لا تزال تجودهم

سحائبُ من كلتا يديك مواطر

تظل تُجافي المنَّ عنهم تَحفِّياً

وقد غتَّهم معروفُك المتواتر

منحتهُمُ مالاً وجاهاً كلاهما

لهم منه حظ يملأ الكف وافر

وعطَّلْتَني عما غَمرتهُمُ به

ورَيْعيَ أزكى ريعِ ما أنت عامر

عُنِيتَ بهم حتى كأنك والدٌ

لهم وهمُ دوني بنوك الأصاغر

وغادرتني خلف العناية ضائعاً

وللَهِ ماذا يا ابن يحيى تُغادِر

أراني دها شِعري لديك اقتصارُهُ

عليك وإن لم تبتذله المَعاشر

وإن لم يُنَوِّه ربه باسم نفسه

فأنت له من أجل ذلك حاقر

ولم أر شيئاً أخلقتْه صيانة

سِوايَ وشعرِي مُذْ بدَتْ لي المَناظر

ولو شئتُ لم تَذهب على حُوَّليَّتي

هَناتٌ لأسماء الرجال شواهر

وقُوفٌ على بابِ وتشييعُ موكب

وإنشاد جُمَّاع وتلك مَقادر

ولو أنني أرضىَ بهن خلائقاً

لأضحى لي اسمٌ يطرِفُ الشمسَ باهر

ولكنني أعطي الصيانة حقّها

فهل ذاك للأحرار عندك ضائر

يخوفني من ذاك أنك إنما

تُخَصُّ بجَدْواك القوافي الحواسر

ويؤْمنني من ذاك أن لستَ جاهلاً

فتستر بالأسماء ما أنت ساتر

على أنني قد جاش صدري جيْشة

فقلت وقد تعصي الحليمَ الهواجر

أرى الدهر في نصر الأباطيل مُجلباً

وفي الله يوماً للحقائق ناصر

ألم تحزنِ الآداب حزناً يَشفُّها

وتجري له منها الدموع البوادر

قواف مصوناتٌ تُقَرَّب دونها

قوافٍ بأبواب الرجال سوافر

أما وأبي أبكارِ شعرٍ عقائلٍ

نُكِحن بلا مهر وهن مهائر

لئن أحظِيَتْ يوماً عليهن ضَرَّةٌ

لمَا هُنَّ من تُحظَى عليه الضرائر

وإنك لَلْمرءُ الجليُّ بصيرة

ولكن مع الأهواء تَعشَى البصائر

وقد قيل كم من رِشدة في كريهةٍ

ومن غَيّةٍ تُلقَى عليها الشراشر

وكم أمةٍ ورهاءَ قد فاز قِدحها

بما حُرِمتْه السيدات الحرائر

ومن دونِ ما قد سُمْتني في كرائمي

يقول امرُؤٌ نعم البُعولُ المقابر

وما كنَّ في بعلٍ بِجِدِّ رواغب

ولو كان كُفء الشمس لولا المفاقر

سيسألني الأقوام عما أثبْتني

به فبماذا أنت إياي آمر

أأخبرهم بالحق وهْي شَكِيَّة

أم الإفكِ فالإسلام عن ذاك زاجر

وإن امرأً باع الثناء من امرئٍ

فباء بحرمان وإثمٍ لخَاسر

أتحرمني الجدوى وأطريك كاذباً

فتحظَى وأشقَى بالذي أنا وازر

شهدت إذاً أني لنفسيَ ظالم

وأنك إن كلفتَني ذاك جائر

وهبني كتمتُ الحق أو قلتُ غيرهُ

أتخفَى على أهل العقول السرائر

أبى ذاك أن السر في الوجه ناطق

وأن ضمير القلب في العين ظاهر

وحسبك من شكواي في كل مجلسٍ

نَئيمي وأنفاسي عليك الزوافر

وصمتي ومطِّي حاجبي وإشاحتي

بوجهي إذا سمَّى ليَ اسمَك ذاكر

سئِلتَ فلم تحرم سواي وإنه

لوترٌ وإني لو أشاء لثائر

ولكنْي عفوي عفوُ حرٍّ ولم يكن

ليسبقَني لولاه بالوتر واتر

ولو ثوِّبتْ تلك المدائحُ ألحِقتْ

بها أخريات للثواب شواكر

إذا أُنشِدَتْ قال الألى يسمعونها

ألا ليتنا للمُنْشديها منابر

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الرومي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات