أأيامنا ما كنت إلا مواهبا

ديوان أبو تمام

أَأَيّامَنا ما كُنتِ إِلّا مَواهِبا

وَكُنتِ بِإِسعافِ الحَبيبِ حَبائِبا

سَنُغرِبُ تَجديداً لِعَهدِكِ في البُكا

فَما كُنتِ في الأَيّامِ إِلّا غَرائِبا

وَمُعتَرَكٍ لِلشَوقِ أَهدى بِهِ الهَوى

إِلى ذي الهَوى نُجلَ العُيونِ رَبائِبا

كَواعِبُ زارَت في لَيالٍ قَصيرَةٍ

يُخَيَّلنَ لي مِن حُسنِهِنَّ كَواعِبا

سَلَبنا غِطاءَ الحُسنِ عَن حُرِّ أَوجُهٍ

تَظَلُّ لِلُبِّ السالِبيها سَوالِبا

وُجوهٌ لَوَ اِنَّ الأَرضَ فيها كَواكِبٌ

تَوَقَّدُ لِلساري لَكُنَّ كَواكِبا

سَلي هَل عَمَرتُ القَفرَ وَهوَ سَباسِبٌ

وَغادَرتُ رَبعي مِن رِكابي سَباسِبا

وَغَرَّبتُ حَتّى لَم أَجِد ذِكرَ مَشرِقٍ

وَشَرَّقتُ حَتّى قَد نَسيتُ المَغارِبا

خُطوبٌ إِذا لاقَيتُهُنَّ رَدَدنَني

جَريحاً كَأَنّي قَد لَقيتُ الكَتائِبا

وَمَن لَم يُسَلِّم لِلنَوائِبِ أَصبَحَت

خَلائِقُهُ طُرّاً عَلَيهِ نَوائِبا

وَقَد يَكهَمُ السَيفُ المُسَمّى مَنِيَّةً

وَقَد يَرجِعُ المَرءُ المُظَفَّرُ خائِبا

فَآفَةُ ذا أَلّا يُصادِفَ مَضرِباً

وَآفَةُ ذا أَلّا يُصادِفَ ضارِبا

وَمَلآنَ مِن ضِغنٍ كَواهُ تَوَقُّلي

إِلى الهِمَّةِ العُليا سَناماً وَغارِبا

شَهِدتُ جَسيماتِ العُلى وَهوَ غائِبٌ

وَلَو كانَ أَيضاً شاهِداً كانَ غائِبا

إِلى الحَسَنِ اِقتَدنا رَكائِبَ صَيَّرَت

لَها الحَزنَ مِن أَرضِ الفَلاةِ رَكائِبا

نَبَذتُ إِلَيهِ هِمَّتي فَكَأَنَّما

كَدَرتُ بِهِ نَجماً عَلى الدَهرِ ثاقِبا

وَكُنتُ اِمرَءاً أَلقى الزَمانَ مُسالِماً

فَآلَيتُ لا أَلقاهُ إِلّا مُحارِبا

لَوِ اِقتُسِمَت أَخلاقُهُ الغُرُّ لَم تَجِد

مَعيباً وَلا خَلقاً مِنَ الناسِ عائِبا

إِذا شِئتَ أَن تُحصي فَواضِلَ كَفِّهِ

فَكُن كاتِباً أَو فَاِتَّخِذ لَكَ كاتِبا

عَطايا هِيَ الأَنواءُ إِلّا عَلامَةً

دَعَت تِلكَ أَنواءً وَتِلكَ مَواهِبا

هُوَ الغَيثُ لَو أَفرَطتُ في الوَصفِ عامِداً

لِأَكذِبَ في مَدحيهِ ما كُنتُ كاذِبا

ثَوى مالُهُ نَهبَ المَعالي فَأَوجَبَت

عَلَيهِ زَكاةُ الجودِ ما لَيسَ واجِبا

تُحَسَّنُ في عَينَيهِ إِن كُنتَ زائِراً

وَتَزدادُ حُسناً كُلَّما جِئتَ طالِبا

خَدينُ العُلى أَبقى لَهُ البَذلُ وَالتُقى

عَواقِبَ مِن عُرفٍ كَفَتهُ العَواقِبا

تَطولُ اِستِشاراتُ التَجارِبِ رَأيَهُ

إِذا ما ذَوو الرَأيِ اِستَشاروا التَجارِبا

بِرِئتُ مِنَ الآمالِ وَهيَ كَثيرَةٌ

لَدَيكَ وَإِن جاءَتكَ حُدباً لَواغِبا

وَهَل كُنتُ إِلّا مُذنِباً يَومَ أَنتَحي

سِواكَ بِآمالٍ فَأَقبَلتُ تائِبا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو تمام، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات