أأقام أمس خليطنا أم سارا

ديوان عمر بن أبي ربيعة

أَأَقامَ أَمسِ خَليطُنا أَم سارا

سائِل بِعَمرِكَ أَيَّ ذاكَ اِختارا

وَإِخالُ أَنَّ نَواهُمُ قَذّافَةٌ

كانَت مُعاوِدَةَ الفِراقِ مِرارا

قالَ الرَسولُ وَقَد تَحَدَّرَ واكِفٌ

فَكَفَفتُ مِنهُ مُسبِلاً مِدرارا

أَن سِر فَشَيِّعنا وَلَيسَ بِنازِعٍ

لَو شَدَّ فَوقَ مَطِيِّهِ الأَكوارا

في حاجَةٍ جَهدُ الصَبابَةِ قادَها

وَبِما يُوافِقُ لِلهَوى الأَقدارا

قامَت تَراءى بِالصِفاحِ كَأَنَّما

عَمداً تُريدُ لَنا بِذاكَ ضِرارا

فَبَدَت تَرائِبُ مِن رَبيبٍ شادِنٍ

ذَكَرَ المَقيلَ إِلى الكِناسِ فَصارا

وَجَلَت عَشِيَّةَ بَطنِ مَكَّةَ إِذ بَدَت

وَجهاً يُضيءُ بَياضُهُ الأَستارا

كَالشَمسِ تُعجِبُ مَن رَأى وَيُزَينُها

حَسَبٌ أَغَرُّ إِذا تُريدُ فِخارا

سُقِيَت بِوَجهِكِ كُلُّ أَرضٍ جُبتِها

وَبِمِثلِ وَجهِكِ نَستَقي الأَمطارا

لَو يُبصِرُ الثَقفُ البَصيرُ جَبينَها

وَصَفاءَ خَدَّيها العَتيقَ لَحارا

وَأَرى جَمالَكِ فَوقَ كُلِّ جَميلَةٍ

وَجَمالُ وَجهِكِ يَخطَفُ الأَبصارا

إِنّي رَأَيتُكِ غادَةً خُمصانَةً

رَيّا الرَوادِفِ لَذَّةً مِبشارا

مَحطوطَةَ المَتنَينِ أُكمِلَ خَلقُها

مِثلَ السَبيكَةِ بَضَّةً مِعطارا

تَشفي الضَجيعَ بِبادِرٍ ذي رَونَقٍ

لَو كانَ في غَلَسِ الظَلامِ أَنارا

فَسَقَتكَ بِشرَةُ عَنبَراً وَقَرَنفُلاً

وَالزَنجَبيلَ وَخِلطَ ذاكَ عُقارا

وَالذَوبُ مِن عَسَلِ الشُراةِ كَأَنَّما

غَصَبَ الأَميرُ تَبيعَهُ المُشتارا

وَكَأَنَّ نُطفَةَ بارِدٍ وَطَبَرذَداً

وَمُدامَةً قَد عُتِّقَت أَعصارا

تَجري عَلى أَنيابِ بِشرَةَ كُلَّما

طَرَقَت وَلا تَدري بِذاكَ غِرارا

يُروى بِهِ الظَمآنُ حينَ يَشوفُهُ

لَذَّ المُقَبَّلِ بارِداً مِخمارا

وَيَفوزُ مَن هِيَ في الشِتاءِ شِعارُهُ

أَكرِم بِها دونَ اللَحافِ شِعارا

جودي لِمَحزونٍ ذَهَبتِ بِعَقلِهِ

لَم يَقضِ مِنكِ بُشَيرَةُ الأَوطارا

وَإِذا ذَهَبتُ أَسومُ قَلبي خُطَّةً

مِن هَجرِها أَلفَيتُهُ خَوّارا

وَاِغرَورَقَت عَينايَ حينَ أَسومُها

وَالقَلبُ هاجَ لِذِكرِها اِستِعبارا

فَبِتِلكَ أَهذي ما حَيِيتُ صَبابَةً

وَبِها الغَداةَ أُشَيِّبُ الأَشعارا

مَن ذا يُواصِلُ إِن صَرَمتِ حِبالَنا

أَم مَن نُحَدِّثُ بَعدَكِ الأَسرارا

هَيهاتَ مِنكِ قُعَيقِعانُ وَأَهلُها

بِالحَزنَتَينِ فَشَطَّ ذاكَ مَزارا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عمر بن أبي ربيعة، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات