أأبقى كذا أبدا مستقلا

ديوان الشريف الرضي

أَأَبقى كَذا أَبَداً مُستَقِلّا


يُقَلِّبُني الدَهرُ عِزّاً وَذُلّا


وَأَقنَعُ بِالدونِ فِعلَ الذَلي


لِ يَخشى الأَجَلَّ وَيَرضى الأَقَلّا


وَإِنّي رَأَيتُ غَنيَّ الأَنامِ


إِذا لَم يَكُن ذا عَلاءٍ مُقِلّا


وَمِن دونِ ضَيمي فِناءُ الرِماحِ


وَبيضُ القَواضِبِ ذَفّاً وَفَلّا


فَلا زِلتُ كَلّاً عَلى المُقرَباتِ


إِلى أَن أَنالَ ذُرى المَجدِ كُلّا


إِذا عَزَّ قَلبُكَ في دَهرِهِ


فَما عُذرُ وَجهِكَ في أَن يَذُلّا


أَلا فَاِجهَدِ النَفسَ في نَيلِها


وَلا تَرقَبَنَّ عَسى أَو لَعَلّا


إِذا المَرءُ لَم يَحظَ بَعدَ الطِلابِ


فَالجدُّ لا قَدَمُ المَرءِ زَلّا


وَحُلَّ حُبى العَجزِ عَن هِمَّةٍ


تَؤُدُّ الأَيانِقَ شَدّاً وَحَلّا


وَجُب غَيرَ مُستَكثِرٍ بِالصِحابِ


حَزناً يَغولُ المَطايا وَسَهلا


إِلى حَيثُ تومي إِلَيكَ البَنانُ


وَتُصبِحُ ثَمَّ الأَعَزُّ المُجَلّا


قَليلَ المِثالِ وَخَيرَ البِلادِ


حِمى مَنزِلٍ لا أَرى فيهِ مِثلا


وَلا تَصحَبَن غَيرَ حَدِّ الحُسا


مِ بَرقاً يَسُحُّ مِنَ الضَربِ وَبلا


وَأَيمٍ مِنَ السُمرِ طاغي اللِسا


نِ يَأبى اللَديغُ بِهِ أَن يُبِلّا


وَتَعلو المَعالي إِلى العاجِزينَ


وَنحنُ نَرى الذُلَّ أَعلى وَأَغلى


عَدَتكَ أَبا الطَيِّبِ العادِياتُ


فَإِنَّكَ أَبذَلُ جاهاً وَبَذلا


بَلَوتُ خَلائِقَ هَذا الأَنامِ


وَما زِلتُ أَبلو مِراراً وَأُبلى


فَلَم أَرَ إِلّاكَ مَن يَصطَفي


ثَناءً وَيَرعى ذِماماً وَإِلّا


فَأَصبَحَ قَلبي يَرى مُذ رَآ


كَ أَنَّكَ أَوقَعُ فيهِ وَأَحلى


وَحَلَّت نَدايَ جَميعَ الوَرى


غَداةَ اِعتَقَدتُكَ عَضداً وَخِلّا


فِدىً لَكَ أَعمىً عَنِ المَكرُما


تِ يَعجِزُ أَن يَجعَلَ القَولَ فِعلا


يَنامُ عَنِ الخَيرِ نَومَ الضِباعِ


وَفي الشَرِّ يَطلُعُ سِمعاً أَزَلّا


طَويلُ اليَدينِ إِلى المُخزِياتِ


يَمُدُّ إِلى المَجدِ باعاً أَشَلّا


فَتىً أَعلَقَتهُ عِنانَ الفَخارِ


مَكارِمُ جاءَت بِهِ المَجدَ قَبلا


وَأَصبَحَ حاسِدُهُ خابِطاً


إِذا كادَ يُهدى إِلى المَجدِ ضَلّا


أَشَمُّ كَعالِيَةِ السَمهَريِّ


وَهِمَّتُهُ مِنهُ أَغلى وَأَعلى


وَيَجمَعُ قَلباً جَريئاً وَوَجهاً


أَتَمُّ مِنَ البَدرِ نوراً وَأَملا


مَضاءُ القَضيبِ إِذا ما اِنجَلى


وَضَوءُ الهِلالِ إِذا ما تَجَلّى


وَقَلبُ الشُجاعِ حُسامٌ فَإِن


حَلا مَنظَراً فَحُسامٌ مُحَلّى


يُغَيِّمُ يَومَ النَدى المُستَهِلُّ


وَيُقشِعُ يَومَ الوَغى المُصمَئِلّا


وَيوسِعُ مادِحَهُ بِشرَهُ


فَيوليهِ أَضعافَ ما كانَ أَولى


يُشَمِّرُ لِلرَوعِ عَن ساقِهِ


وَيَسحَبُ لِلجودِ ذَيلاً رِفَلّا


فَيَوماً يَعودُ بِجَدٍّ عَلَيٍّ


وَيَوماً يَعودُ بِقِدحٍ مُعَلّى


وَيُلقي إِلَيهِ عَظيمُ الزَمانِ


مِنَ المَأثُراتِ الأَجَلَّ الأَجَلّا


فَيُمسي لِأَسرارِها حافِظاً


وَيَغدو بِأَعبائِها مُستَقِلّا


فَدونَكَها كَإِضاةِ الغَديرِ


أَوِ سُلَّ السَيفِ أَوِ الرَوضِ طُلّا


وَلَولاكَ كانَت كَأَمثالِها


تُصانُ عَنِ المَدحِ عِزّاً وَنُبلا


فَقَد كُنتُ حَصَّنتُ أَبكارَهُنَّ


وَعَوَّدتُهُنَّ عَنِ القَومِ عَضلا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات