آيات مجدك مالها تبديل

ديوان بهاء الدين زهير

آياتُ مَجدِكَ مالَها تَبديلُ

وَعُلُوُّ قَدرِكَ ما إِلَيهِ سَبيلُ

فاقَت صِفاتُكَ كُلَّ جيلٍ قَد مَضى

في العالَمينَ فَكَيفَ هَذا الجيلُ

شَهِدَت لَكَ الأَفعالُ بِالفَضلِ الَّذي

كُلُّ الأَنامِ سِواكَ فيهِ دَخيلُ

ذَهَلَ الأَنامُ لِكُلِّ مَجدٍ حُزتَهُ

لَم يَحوِهِ التَشبيهُ وَالتَمثيلُ

قَد عَزَّ جَيشٌ أَنتَ مِن أُمَرائِهِ

وَأُمورُ إِقليمٍ إِلَيكَ تَؤولُ

لا العَزمُ مِنكَ إِذا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ

يَوماً يُفَلُّ وَلا الظُنونُ تَفيلُ

وَكَفَفتَ صَرفَ الدَهرِ بَعدَ جِماحِهِ

فَكَأَنَّما هُوَ مارِدٌ مَغلولُ

يُعزى لَكَ الإِحسانُ غَيرَ مُدافِعٍ

وَالمُحسِنونَ كَما عَلِمتَ قَليلُ

لا يَبتَغي الراجي إِلَيكَ وَسيلَةً

إِلّا الرَجاءَ وَأَنَّكَ المَأمولُ

حَسبُ اِمرِئٍ قَد فازَ مِنكَ بِمَوعِدٍ

فَإِذا وَعَدتَ فَأَنتَ إِسمَعيلُ

يامَن لَهُ في الناسِ ذِكرٌ سائِرٌ

كَالشَمسِ يُشرِقُ نورُها وَتَحولُ

وَمَواهِبٌ حَضَرِيَّةٌ سَيّارَةٌ

لايَنقَضي سَفَرٌ لَها وَرَحيلُ

وَخَلائِقٌ كَالرَوضِ رَقَّ نَسيمُهُ

فَسَرى وَذَيلُ قَميصِهِ مَبلولُ

وَتِلاوَةٌ يَجلو الدُجى أَنوارُها

قَد زانَها التَرتيبُ وَالتَرتيلُ

وَإِذا تَهَجَّدَ في الظَلامِ فَحَسبُهُ

مِن نورِ غُرَةِ وَجهِهِ قِنديلُ

مَلَأَت لَطائِفُ بِرِّهِ أَوقاتَهُ

فَزَمانُهُ عَن غَيرِهِ مَشغولُ

هَذا هُوَ الخَرَفُ الَّذي لا يُدَّعى

هَيهاتَ ماكُلُّ الرِجالِ فُحولُ

أَيّامُهُ كَسَتِ الزَمانَ مَحاسِناً

فَكَأَنَّها غُرَرٌ لَهُ وَحُجولُ

نَفَقَت لَدَيهِ سوقُ كُلِّ فَضيلَةٍ

وَالفَضلُ في هَذا الزَمانِ فُضولُ

مِن مَعشَرٍ خَيرُ البَرِيَّةِ مِنهُمُ

كَرُمَت فُروعٌ مِنهُمُ وَأُصولُ

مَن تَلقَ مِنهُم تَلقَ أَروَعَ ماجِداً

أَبَداً يَصولُ عَلى العِدى وَيَطولُ

سِيّانِ مِنهُ قَوامُهُ وَقَناتُهُ

وَرَواؤُهُ وَحُسامُهُ المَصقولُ

في مَوقِفٍ خَدُّ الحُسامِ مَوَرَّدٌ

فيهِ وَأَعطافُ القَناةِ تَميلُ

يامَن إِذا بَدَأَ الجَميلَ أَعادَهُ

فَجَميلُهُ بِجَميلِهِ مَوصولُ

مَولايَ دِعوَةُ مَن أَطَلتَ جَفاءَهُ

وَعَلى جَفائِكَ إِنَّهُ لَوَصولُ

يَدعوكَ مَملوكٌ أَراكَ مَلَلتَهُ

أَنا ذَلِكَ المَملوكُ وَالمَملولُ

كُن كَيفَ شِئتَ فَأَنتَ أَنتَ المُرتَضى

فَهَوايَ فيكَ هَوايَ لَيسَ يَحولُ

أَنا مَن عَلِمتَ وَلا أَزيدُكَ شاهِداً

هَل بَعدَ عِلمِكَ شاهِدٌ مَقبولُ

أَسَفي عَلى زَمَنٍ لَدَيكَ قَطَعتُهُ

وَكَأَنَّني لِلفَرقَدَينِ نَزيلُ

وَكَأَنَّما الأَسحارُ مِنهُ عَنبَرٌ

وَكَأَنَّما الآصالُ مِنهُ شُمولُ

زَمَنٌ يَقِلُّ لَهُ البُكاءُ لِفَقدِهِ

وَلَوَ اِنَّ دَمعي دِجلَةٌ وَالنيلُ

وَإِذا اِنتَسَبتُ بِخِدمَتي لَكَ سابِقاً

فَكَأَنَّها لِيَ مَعشَرٌ وَقَبيلُ

تَرتَدُّ عَنّي الحادِثاتُ بِذِكرِها

وَكَأَنَّها دوني قَناً وَنُصولُ

هَذا هُوَ الأَدَبُ الَّذي أَنشَأتُهُ

فَاِهتَزَّ مِنهُ رَوضُهُ المَطلولُ

رَوضٌ جَنَيتُ الفَضلَ مِنهُ يانِعاً

وَهَجَرتُهُ حَتّى عَلاهُ ذُبولُ

أَظمَأتُهُ لَمّا جَفَوتَ وَطالَما

أَسقَتهُ مِن نُعمى يَدَيكَ سُيولُ

وافاكَ إِذ أَقصَيتَهُ مُتَطَفِّلاً

ياحَبَّذا في حُبِّكَ التَطفيلُ

عَطَّلتُهُ لَمّا رَأَيتُكَ مُعرِضاً

عَنهُ وَما مِن مَذهَبي التَعطيلُ

وَتَهَنَّ عيداً دامَ عيدُكَ عائِداً

وَعَلَيهِ مِنكَ جَلالَةٌ وَقَبولُ

وَبَقَيتَ مَجدَ الدينِ أَلفاً مِثلَهُ

وَجَنابُكَ المَأهولُ وَالمَأمولُ

قَصُرَت عَلَيكَ ثِيابُ كُلِّ مَديحَةٍ

وَذُيولُهُنَّ عَلى سِواكَ تَطولُ

وَاِعلَم بِأَنّي عَن صِفاتِكَ عاجِزٌ

وَاِعذِر سِوايَ وَما عَساهُ يَقولُ

أَنا مَن يَذُمُّ الباخِلينَ وَإِنَّني

بِنَظيرِها إِلّا عَلَيكَ بَخيلُ

هَذا هُوَ الدُرُّ الَّذي مِن بَحرِهِ

مازِلتَ تَبذُلُهُ لَنا وَتُنيلُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بهاء الدين زهير، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات