آب ليلي ليت ليلي لم يأب

ديوان بشار بن برد

آبَ لَيلي لَيتَ لَيلي لَم يَأُب

إِنَّما اللَيلُ عَناءٌ لِلوَصِب

أَرقُبُ اللَيلَ كَأَنّي واجِدٌ

راحَةً في الصُبحِ مِن جَهدِ التَعَب

وَلَقَد أَعلَمُ أَنّي مُصبِحٌ

مِثلَما أَمسَيتُ إِن لَم تَحتَسِب

فَأَرَتني ثُمَّ شَطَّت شَطَّةً

تَرَكَت قَلبي إِلَيها يَضطَرِب

ما أَقَلَّ الصَبرَ عَنها بَعدَما

كَثُرَت فينا أَحاديثُ العَرَب

قِرَّ عَيناً بِحَبيبٍ نَظرَةً

لا يُقِرُّ العَينَ إِلّا ما تُحِب

وَكَلَت بي جارَتي أَسهودَةً

شَرَّ ما وُكِّلَ بِالجارِ الجُنُب

وَنَصيحَينِ أَلَمّا باكِراً

بِطَبيبٍ وَطَبيبي المُجتَنَب

سَأَلاني وَصفَ ما أَلقى وَلا

أَستَطيعُ الوَصفَ إِنّي مُكتَئِب

غَيرَ أَنّي قُلتُ في قَولِهِما

قَولَةً أَخفَيتُها كَالمُنتَيِب

بَيَّنا مِن قُربِهِ لي حاجَةً

ثُمَّ لا يَقرُبُ وَالدارُ صَقَب

يا خَليلَيَّ أَلِمّا بي بِها

نَظرَةً ثُمَّ سَلاني عَن وَصَب

شُغِلَت نَفسِيَ عَن وَصفِ الهَوى

بِاِشتِياقي أَن أَراها وَطَرَب

فَاِترُكا لَومي فَإِنّي عاشِقٌ

كَتَبَ اللَهُ عَلَيهِ ما كَتَب

وَلَقَد قُلتُ لِقَلبي خالِياً

حينَ لَم يَلقَ هَواها وَدَأَب

أَيُّها الناصِبُ في تَطلابِها

بَعدَ هَذا ما تُبالي ما نَصَب

لا يُريدُ الرُشدَ إِلّا ناصِحٌ

وَيَلي قَتلَكَ إِلّا مَن تَعِب

كِل لِمَن يُقصيكَ مِثلاً صاعَهُ

وَإِذا قارَبَ وُدّاً فَاِقتَرِب

وَاِلقَ مَن قَد ذاقَ فيما لَم يَذُق

لا يُداوي السُقمَ إِلّا مَن يَطِب

قَتَلَتني فَأَبى قَلبي وَقَد

آنَ ما كَلَّفَني حَتّى أَحَب

فَهيَ عَجزاءُ إِذا ما أَدبَرَت

وَإِذا ما أَقبَلَت فيها قَبَب

لَم تَرَ العَينُ لِعَينٍ فِتنَةً

مِثلَها بَينَ جُمادى وَرَجَب

تَيَّمَتني بِقَوامٍ خُرعُبٍ

وَبِدَلٍّ عَجَبٍ يا لَلعَجَب

صورَةُ الشَمسِ جَلَت عَن وَجهِها

بَعدَ عَينَي جُؤذَرٍ في المُنتَقَب

حُلوَةُ المَنظَرِ رَيّا رَخصَةٌ

بَعَثَ الحُسنُ عَلَيها أَن تُسَب

تَأمَنُ الدَهرَ وَلا تَرجو لَنا

فَرَجاً مِمّا بِنا ذاكَ الكَذِب

كَم رَأَينا مِثلَها في مَأمَنٍ

قَلَبَ الدَهرُ عَلَيهِ فَاِنقَلَب

لا يَغُرَّنَّكَ يَومٌ مِن غَدٍ

صاحِ إِنَّ الدَهرَ يُغفي وَيَهُب

صادِ ذا ضِغنٍ إِلى غِرَّتِهِ

وَإِذا دَرَّت لَبونٌ فَاِحتَلِب

لَيسَ بِالصافي وَإِن صَفَّيتَهُ

عَيشُ مَن يُصبِحُ نَهباً لِلرُتَب

ما أَبو العَبّاسِ في أَثباتِهِ

لَعِبَ الدَهرُ بِهِ تِلكَ اللُعَب

أَقبَلَت أَيّامُهُ حَتّى إِذا

جاءَهُ المَوتُ تَوَلّى فَذَهَب

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات