عميشة و معركة معسكران.

أجتمع أعوان القبيلتين الأمازغيتين من أهل البادية الوافدين من البتراء من المملكة النبطية، و كذا أهل الحضر من البرانيس لجمهورية نيوميديا القديمة، كان معهم بعض القادة العسكريين من الخوارج الصفرية، واحد من صنهاجة و الآخر زناتي، قدموا من جنوب غرب فرنسا بالبرانيس العليا، أما الزناتي فكان من البرانيس الشرقية.

احتدم الصراع بين الأطراف المتنازعة، سواء الأمازيغ الذين تمسكوا بالنظام القبلي و سلطة شيخ القبيلة، ضف لذلك كون الاهليين ما يزالون يدينون بالديانات السماوية، و حينها كان قد بدأ يوحنا بالمقدس نشر تعاليمه الدينية الجديدة، أما في الخلاف، كان القائدين يحاولان ضعضعة اعتقاداتهم الراسخة و دفعهم لعدم التمسك بما جاءهم من ناموس.

لذا قدم الصنهاجي ولاءه لشيخ القبيلة المكنى غوماري و قال له: أيها الشيخ الوقور، لم لا تتنازل قليلا عن بعض الضواحي بالمنطقة المحادية، و أنه سيرسل لكتيبته الثانية حتى تعسكر هناك. فقال غوماري: ماذا جرى كذلك؟ تريد شن هجوم على الدويلات المستقلة يشمال نيوميديا بعدما قد اعتنقت الديانة الاسلامية الحنيفة، و اعترفت بمجيء رسالة جديدة بالجزيرة العربية! كفاك مراوغة و دعهم وشأنهم، إن أردت الالحاد فذاك يخصك، أما أن تراق مزيد من الدماء فهذا و الله لا. سكت الصنهاجي ثم قال الزناتي: لست باحثا عن مزيد من دماء في سبيل معتقدات فرضت علينا، كل ما فيه أن بعض الجنود قد تحيروا على نسائهم و هم دائموا السفر و الترحال عبر البلدان بحثا عن عن مناطق الرعي و المياه، لذا نريد فقط أن نؤمنكم على نسائهم و أولادهم و ذويهم.

سكت الشيخ الوقور ثم أردف قائلا: لا حول ولا قوة إلا بالله، لك ذلك، و لكن إن سمعت أنهم تجاسروا و حرضوا السكان على العصيان لقطعت عرقهم.

و هكذا لم يكن إلا شهور حتى حلت القوافل من المهاجرين الجدد بالمنطقة، وضعت لهم الخيام و تم التكفل بهم من السكان الاصليين هنالك.

مرت سنة، و اختلط المهاجرون بمن أواهم، و يذكر ان ابن الشيخ الوقور و يدعى: أمغراس أحب بنت شقراء تكنى: عميشة، فجاء والده و أسره بذلك، أحضر غوماري عميشة و قال لها: يا أمة الله، إن ابني يطلب النكاح فهلا قبلت، فقالت مبتسمة: و هل تحض ذات العصمة من يرغبها؟ فتجهش وجه المسكين و علم أنها قد أسرته و شغفها حبا.

أقيمت الولائم و زف العروسان في جو بهيج،و حبلت المرأة و وضعت بشهرها السابع مولودا سمي: كوندري، شب الفتى بين القوم، و لما رغب أن يزور أخواله صدوه عن ذلك، و قال له جده غومري: إن رحلت فلا عودة لك هنا.

أصر الشاب كوندري على الرحيل، و بعد أن التقى بأخواله هنالك،كان القائدان الملحدان قد أعدا العدة و جهزا جيشا عرمرما للهجوم على شمال نيوميديا و ارغموه على المشاركة في قيادة كتيبة معهم، حينها ندم و أحس المغدور به بفضاعة الأمر و ترجاهم عن إيقاف الزحف لهناك، لكنهم رفضوا و حملوه المسألة وانطلقوا لتنفيد المهمة. التقى الجيشان في حرب ضروس أودت بسقوط العديد منهم من كلا الطرفين، و قد سميت : معركة معسكران نسبة للمهاجرين الذين سكنوا بها و نقضوا العهد و الأمانة .فما قولك من هذا الحديث؟

أقول: إنها حقا خيانة و مكيدة مدبرة، إن كنت مكان الغومري لما قبلت عرض الغرباء الذين تغلغلوا بن الأهالي و السكان الاصليين، ايت ما خصل عهدها تمكنوا بلؤمهم من استباحة أرواح بريئة و زجهم في حرب عرقية و طائفية.

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات