بَكَيتُ وهَل أغنى البُكاءُ المُتَيّما

‏بَكَيتُ وهل أغنى البُكاءُ ْ

إذا الحَيُّ وَلّى والوصِالُ تَصَرّمَا

خَليليَّ عُوجَا بالمَنَازلِ فاربعا

قليلًا فإنّي أشتهي أن أُسَلّما

وإن لم يكن إلا من الرّسم دارسٌ

عفاهُ نضيضُ الماءِ حتّى تَبهّما

أُسَكّنُ فيهِ داءَ قلبي سُوَيعةً

“ومن لم يجد إلا صعيدًا تَيَمّما”

ألا ليتَ عيني خيّرتني شؤونها

فأختار أن أبكي أحبّتها دما

ولمّا حللنا بالعقيقِ وقد دنا

لنا الصّبحُ حتّى كاد أن يتهجّما

سمعتُ وصحبي منهكين ترنّمًا

فأَبْهَجَهَم وزاد قلبي تَأُلمَّا

عرفْتُ الذي يشكو وأبصرَ علّتي

كَمَا عَرفَ الهَيمانَ مَن كان أَهْيمَا

فقلْتُ لهُ: زدنا أخا الشّوقِ إنّهُ

شفاءٌ لأهلِ الشّوقِ أن تترنّما

ودافعتُ شؤبوبًا لدمعي وقد أبت

شآبيبُ إلّا أن تفيضَ وتَسجُما

على أنّني آليتُ أُظهرُ سرّهُ

يدَ الدّهْرِ لكن كان قلبيَ أسأما

ومن يَكُ مكتومًا بصدرٍ غرامهُ

فلا بُدَّ يومًا أن يُذاعَ ويُعلما

فدعني عذولي والبكاءَ فإنما

أبكّي زمانًا كان أبهى وأنعما

لياليَ سلمى جارةٌ غير أنّها

ترى جيرتي جورًا عليها ومأثما

عقيلةُ أشياخٍ نَمت في غضَارةٍ

ولم تلقَ بوْسًا في الحياةِ فَتَسْهَمَا

لها خَدَمٌ كالدُّرِّ حول خبائها

إذا ما اشتهت شيئًا كفَوها التّجَشّمَا

ولكنَّ سلمى رغم ذاك بخيلةٌ

 وكُلّ عَطَاياها لَعَلّ وَرُبّمَا 

لطيفةُ ما ضمَّ الوشاحُ ثَقيلةُ ال

مآكمِ تعلو العبقريّ المُنَمْنما

وتُرسلُ شبهَ الليلِ سَبطًا فُرُوعُهُ

وتُبدي أَسِيلًا كالصّباحِ ومِعصَما

وَتَفتَرُّ عن عَذبِ المذاقةِ باردٍ

مَصونٍ فما يذاقُ إلا تَوَهُّمَا

حَصَى بَرَدٍ أو أُقْحَوانٍ مُفَلّجٍ

على لَعَسٍ يا ويحَ قلبي من الظّما

وترنو بلحظٍ فاترٍ لو رمت بهِ

يَلمْلمَ أضحى في وهادٍ مُهَدّمَا

فتلك التي لمت الفؤادَ لحبّها

وكم لائمٍ زادَ المُحِبّ تتَيّمَا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في شعر، قصص، مشاركات عامة، مقالات، نثر

قد يعجبك أيضاً

تعليقات