بل أنا المصاب بالمَعَرّة!

كيف يسمو إلى العُلا الأدعياءُ؟

والمعالي يضجّ منها الغُثاءُ

والسجايا حكرٌ على كل شهم

عبقري ، مكانُه العلياء

والكرامُ – في الناس – مثلُ الثريا

والثريا مكانها الجوزاء

والنشامى أفعالهم لا تباري

ورؤاهم نورٌ به يُستضاء

والندامى يُعطون دون حساب

إنهم – في أقوامنا – الأسخياء

والعطاءُ – في العالمين – شحيحٌ

والتقاة حقاً همُ الكرماء

والجوادُ يسبي قلوب البرايا

كم قلوب أردى جَواها العطاء

والبخيل بالبخل يُزوى ويُقلَى

ما له أصحابٌ ولا أولياء

هل ألامُ أني سألت النشامى

فضلَ جودٍ لم يُعطِه الأقرباء؟

هل ألامُ أني توسّمتُ خيراً

في أناس حقاً همُ الرحماء؟

هل ألام أني مددتُ يميني

للورى إذ منكم طواني الجفاء؟

هل ألام أني بحثت لدائي

عن علاج حتى أتاني الدواء؟

هل ألام أني التمست نجاتي

إذ قلاني النجا وعزّ الشفاء؟

هل ألام أني طرقتُ قلوباً

ملؤها الحب والصفا والسخاء؟

أتراني ما جئتكم مستغيثاً

وجميعُ جيرانكم شهداء؟

أتراني قطعتُ ود الأهالي؟

إن قطعَ الأرحام ظلماً شقاء

أتراني أسأت ظني بقومي؟

بل وربي ، قومي الذين أساؤوا

أتراني ما ذعتُ سري لديكم

قبل نشر يَدري به الغرباء؟

أتراني فضحتكم باشتكائي

والتشكي لمّا استبد البلاء؟

أتراني أخجلتكم بانتمائي؟

بئس أهلٌ أنتم وبئس انتماء

بل أنا فيكم قد خُدعتُ ، وربي

عندما قلت: أنتمُ النصراء

ما الأهالي إن لم يجودوا ويسخوا

إن ألمَّت بابن لهم ضراء؟

ما الأهالي إن لم يكونوا غِياثاً

للذي تردي عزمَه الأرزاء؟

ما الأهالي إن لم يكونوا دواءً

إن ألمّ بالمرء داءٌ فَداء؟

ما الأهالي إن لم يُعينوا أخاهم

في زمان قد مات فيه الإخاء؟

ما الأهالي إن لم يوَفوا بعهدٍ

في عشير منه استجار الوفاء؟

قد أُصِبتُ فيكم بأعتى مُصاب

فاتركوني يا أيها البخلاء

بالشّحاح استبدلتُ قوماً كِراماً

هم لجرحي إما جُرحتُ الفداء

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات