بل أصلحها الربيع! (قصة الربيع بن خثيم مع الغانية المأجورة التي تابت على يديه معروفة!)

جُودي بحسن – به – (الربيعُ) ينبهرُ

وإن ألفك – بعد الجود – مدخرُ

دعي الجمال يُدسيهِ ويفتنه

إن الجمال – به – الحسناءُ تنتصر

بضاعة جُرّبتْ – في الناس – أزمنة

ويشهدُ القومُ ، والتاريخ ، والعُصُر

فصانعيه بما خوّلتِ مِن فِتن

تبدو ، وأيضاً بما يخفى ويستتر

حتى يذوبَ مِن المفاتن اشتعلت

ناراً مجامرُها تزكو ، وتستعر

لا شيء مثل لهيب العِشق يصرفه

إليك ، شهوته يؤزها الشرر

ولا عليكِ فإن الحُسن آسرُه

جُنودُ حُسنكِ لا تُرْكٌ ولا تَتَر

وحَطِميه بجسم مَن رآه هفا

إليه حيث له في لثمهِ وَطر

إذ التغنجُ بين الناس ديدنه

وبالتغنج كم يُستدرجُ البَشر

وللربيع اخضعي بالقول صائدة

فؤادَ صبّ بلحن القول ينبهر

مهما تذرّع بالتقوى سيتركُها

أمام غانيةٍ في الحسن تتجر

تسبي القلوبَ ، لها سلاحُ غازيةٍ

إن أشهرَته رأيت الخصمَ يُحتضر

وإن تعرّت غزت قرىً بأكملها

لا الرمحُ يَدْحرُها ، كلا ، ولا الوَتَر

تصطادُ بالعُري مَن لا رأيَ يُقنعُه

وتستهينُ بمن إليه ينحدر

قالت: أُقبّله بالألف قانعةً

وسوف يزني لكي أراه ينتحر

قد اتفقنا ، وإني لست أخدعُكم

فجهزوا ألفكم يا قوم ، وابتشروا

وسوف أنسيه أخلاقاً يتيهُ بها

فخراً ، وسوف تروْن العَف يُحتقر

وتسمعون من الأخبار أعذبَها

وسوف يوحلُ في الفحشاء مُعتدل

وسوف أجعل من هذا الفتى مَثلاً

وعِبرةً لفئام ليس تعتبر

وسوف أدحضُ ما يُزجيه من قِيم

بها يدلّ ويستعلي ويفتخر

وسوف أصرفه عن كل منقبةٍ

بزينةٍ شؤمُها بين الورى قذر

وكم وعدتُ ، وما أخلفتُ مَوْعدة

وخُلفُ وعدي خِداعٌ ليس يُغُتفر

وبالربيع خلت في ليلةٍ بطرتْ

نوراً يجودُ به في الظلمة القمر

فأسدلتْ سِترَها حتى تمكّنه

وهيأتْ نفسها وفقاً لمَا أمروا

وأقبلتْ بسراج تستضيئ به

في ظلمة الليل حتى يحلوَ السهر

وراودته بألفاظٍ مُنمقةٍ

وزايلتْ ثوبها ليَعْذبَ السمَر

وأطلقتْ ضحكاتٍ كلها مَلقٌ

حتى يكون الذي تهوى وتنتظر

أما الربيعُ فلم يعبأ بفتنتها

ولم يقدْه إلى جمالها النظر

ولم يبال بعُرْي عاش يَمقته

دهراً ، وإن كان للزواج يَفتقر

بل جابهَ النارَ بالتقوى ليُخمدها

كيلا يكون لها إذ أوقدتْ خطر

لمّا يمدّ يداً لمن تراودُه

لكي يُغازلها شأنَ الألى فجروا

بل صدّها بكُليماتٍ مزلزلة

لأن عقبى الذي يزني غداً سقر

وقال: كُفّي عن الإغراء ، واعتبري

لقد تفيدُ التي تصغي لها العِبَر

إن الذي جئته نذيرُ مَهلكةٍ

وقد خلتْ قبلنا للظالم النذر

ألا تخافين ما في الموت من محن؟

وكل عاقلةٍ في الموت تفتكر

وأخذة الموت إذ يأتي بها مَلكٌ

وإن مُرسله بالأخذ مُقتدر

ولن ينالك مني ما وعدتِ به

ولن يكون لمَا دبرته أثر

توبي إلى الله من ذنب ومعصيةٍ

والأجرُ عند مليك الناس مُدّخر

فتابتِ الغادة الحسناءُ عازمة

أنْ لا تعود لذنب بعده الضرر

فقال مَن نذروا للكيد جائزة

وبئس قوماً هُمُ ، وبئس ما نذروا

إن الربيع جنى على خليلتنا

والوعظ أفسدها ، وساءنا الخبر

فقلتُ: أصلحها نصحُ الربيع لها

أليس عندكمُ فيما جرى نظر؟

يا رب فاقبلْ من العَصماء توبتها

إن الدموعَ – عن العصيان – تعتذر

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات