الهجرة النبوية نقطة تحول تاريخية!

هاجرتَ باسم الله مِن أم القرى

ترجو انتصار الحق يا خيرَ الورى

والصحبُ حولك ينصرونك حِسبة

وكتائبُ الصرعى تعودُ القهقرى

وإذا المدينة – بالأهازيج – انتشتْ

وتبخترتْ فرحاً ، وزايلتِ الكرى

وربوعُ مكة ودّعتْ أحبابها

بالدمع في عين المودّع قد جرى

والغارُ أرسلَ – في الظلام – سكينة

يا سعدَ (ثوْر) ثم ما أحلى (حِرا)

غاران – بالعدنان – زادا عِزة

وتشرّفا – بالمصطفى – وتعطرا

وإذا ترى الصديقَ يبسمُ ثغرُه

ثقة بنصر الله ، خيراً ما ترى

فيقولُ (أحمدُ): يا أبا بكر أدمْ

ذكر المليك ، وآنَ أنْ تستبشرا

يا رب أكرمْنا بصحبة (أحمدٍ)

في جنة الفردوس ، يا رب الورى

أنا يا رسول الله أنظمُ مِدحتي

شعراً ، وحُق لمِدحتي أن تفخرا

شرُفتْ بك البطحاءُ خيرَ مهاجر

ومدينة الإسلام خيرٌ مَهجرا

هاجرت تُعلنها نهاية حِقبةٍ

كانــت عـــــلـى الدنـيـا أضلّ وأغبرا

وعــــقــرت بعـلَ الجـــاهـــــليـة مُوقناً

أن الحــــنـــيـــفـة صــخــــرة لن تكْسرا

وجهرت بالحق المبين مُبَلغاً

عن ربك الرحمن هدياً نيّرا

وصدعت – بالإسلام – تختصرُ المَدى

وغدوت – في أهل البسيطة – مُنذرا

وهدى بك الديانُ قوماً أوغلوا

في الجاهلية والضلالة والمِرا

وسطعت بدراً في ظلام حياتهم

وأزلت جهلاً – في القلوب – ومُنكرا

وأخذت – بالأيدي – لخير هدايةٍ

والجيلُ – بالقرآن – أصبح خيّرا

ورآك أهلُ الحق أشرفَ مُرسل

جاء الخليقة هادياً ومُبشرا

وطفقت تُوسعُهم بكل فضيلةٍ

والكل عظم ما تقولُ ، وأكبرا

وصنعت – بالقرآن – جيلاً صالحاً

مِن كل مِقدام لنصرتك انبرى

قومٌ – بهذا الدين – عَزوا في الدنا

وتسنموا – بالسِلم – أنجادَ الذرى

باعوا – لرب الناس – أنفسهم ، وما

ملكوا من الدنيا ، وربُهمُ اشترى

وتتبعوا الأعداء دون هوادةٍ

هم في المعامع مثلُ آساد الشرى

هذا (عليٌ) ، لا تسل عن عزمه

وشجاعة في الحق لن تتكررا

مستبسلاً ضحّى الصبيّ بنفسه

في موقفٍ أمسى أضرّ وأخطرا

ومشى الهُوينى نحو مَخدع (أحمدٍ)

مستخفياً ، وعلى الفراش تدثرا

وأتى إليه الظالمون عِصابة

وتجمّعوا – حول المُمَدّد – حُضّرا

و(أبو تراب) لم تُخِفه جموعُهم

كلا ، ولا هو – في البليّة – أدبرا

حتى إذا تركوه قام إلى الحِمى

ليردّ للناس الحقوقَ مُشمّرا

ويُعيدُ ما أتمنوا عليه المصطفى

فنبينا أوحى إليه بما جرى

وأشِيدُ بالمغوار (عامر بن فهيرة)

وأكيلُ مدحي وافراً ومُحَبّرا

فالسابقون الأولون نُجلّهم

ونعيبُ خواناً لجُهدهمُ ازدرى

كم ساوموه على العقيدة ، ما انثنى

وتعقبوه فما استكان ، ولا امترى

وشهودُه بطحاءُ مكة والحطيـ

ـمُ وزمزمٌ ، حتى استحالَ غضنفرا

حياك ربك مِن أمين مُخلص

في كل عارفةٍ سما ، وتصدّرا

مولى أبي بكر رعى أغنامَه

وأزال آثاراً بدتْ فوق الثرى

وغدا رفيقاً للنبي وخِله

ورديفَ صِدّيق الهُدى بين القرى

وتوجّه الركبُ المباركُ قاصداً

نحو المدينة داعياً مُستبصرا

ولئن نسيتُ فلستُ أنسى فذة

كانت بما تأتيه – صِدقاً – أبصرا

(أسماءُ) ضحّتْ بالكثير ، وأخلصتْ

وتحمّلتْ مُرّ العذاب مُقنطرا

هذا (أبو جهل) يُدَمُّي وجهها

بالكف تقتنصُ الجبينَ الأنورا

و(أبو قحافة) جاء ينعِي حظهم

في والدٍ لم يُبق مالاً أو قِرى

فتقول أبقى ، ثم تصنعُ حِيلة

ندّتْ – على أذهاننا – أن تخطرا

وإذا تراها في نِطاقيْ غادةٍ

وبسالةٍ فاقت (صُهيباً) و(البَرا)

قلتُ: الأميرة ناصرت ركْبَ الهُدى

حتى يكون الظعنُ بعدُ مُيَسرا

فسل المدينة عن دواعي بشْرها

بالركب مُشتاقاً إليها قد سرى

سَلها عن التحنان يغمرُ أهلها

بالصِيد قد ركبوا الجيادَ الضمّرا

وأتوْا إليها تاركين ديارهم

ودموعُ معظمِهم تفوقُ الأنهُرا

هم هاجروا – في الله – رغم أنوفهم

حيث الأذى ، والحالُ بعدُ تعسرا

واستبشعوا نار البلاء تحوطهم

وتبيدُ يابسَ أرضِهم والأخضرا

وقد استحال العيشُ في أصقاعهم

والكل يسألُ: ما الجريمة يا ترى؟

ويغادر المختارُ (مكة) مُكرَهاً

والدمعُ – مِن عين الحبيب – تحدّرا

ويقولُ: أنتِ أحبُ أرض ، والذي

رفع السما ، ولأنت خيرٌ مَخبَرا

واللهِ لولا أن قومك أخرجو

ني ما خرجتُ – من الديار – مُكَدّرا

والناقة (القصواءُ) أسرعتِ الخطا

وكأنها رَشدتْ ، وشبتْ مُعْصِرا

فيقول: هذي ناقة مأمورة

فالحق ، كل الحق ، أن تُستأمرا

حتى إذا بركتْ (أبو أيوبَ) أد

ركَ ما تريدُ فسُر بعدُ ، وكبّرا

وقد استضاف المصطفى مُتشرفاً

ومُبجّلاً ومُكرّماً ومُوقرا

وهناك قامت دولة وحضارة

أزرتْ بكسرى يزدجرد وقيصرا

فيها تساوى الناسُ دون تميّز

والجيلُ مِن أسْر الهوان تحرّرا

وإلى الأمام تقدمتْ زمَرُ الهُدى

وتراجعتْ زمَرُ الضلال إلى الورا

وتقدّم الإسلامُ يستبقُ الخطا

نحو القيادة ، دون أن يتأخرا

حتى يسوسَ العالمين ، يُريدُهم

إما اهتدوا – بين الخلائق – أطهرا

ويقودُهم – نحو الرشاد – أماجداً

حتى يكون العيشُ حُلواً مُزهِرا

حتى يصيروا – للمهيمن – أعبُداً

إذ حُق للأصنام أن تتكسّرا

إن الرسول أقام أسمى دولةٍ

كانت تضارعُ في السمُو المُشترى

جعلتْ علوَ الدين أنبل غايةٍ

حتى استطاعت أن تلي وتعمّرا

هيَ طبقت شرعَ المليك تعبّداً

فإذا بنصر الله جاء مُؤزرا

وازيّنتْ دُنيا الأنام لأهلها

لكنْ غدتْ – لجنان ربك – مَعْبرا

يا رب بلغنا شفاعة (أحمدٍ)

حتى نشاركَه الهنا والكوثرا

يا رب وارض عن الأشاوس آله

وصحابةٍ فاقوا السنا والجوهرا

وعن الذين به اقتدوا ، ما أشرقتْ

شمْسٌ أو اصطدمَ السحابُ فأمطرا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات