المُطلقة الهوجاء!

أنا كمْ نصحتُ ، فما عليَّ ملامُ

وغباءُ عقلكِ يا (ربابُ) عُقامُ

كم كنتُ أنشد – في زواجكِ – بهجة

إذ كل قصدي – في الحياة – سلام

كم كنتُ أرجو الحب يغمر عيشنا

ويُظلنا الإيمانُ ، والإسلام

كم كنتُ أصبو للوداعة ، والصفا

مهما جفا عشقٌ ، وشط هُيام

كم كنتُ أعمل – للتقارب – بيننا

وليشهدِ الأخوالُ والأعمام

كم كنتُ أسعى كي أحققَ ألفة

كيلا تعكر صفونا الآلام

كم كنتُ في التوفيق أختصر المدى

وأصُد من عابوا الفتى ، أو لامُوا

كم كنتٌ في التيسيير أمعِن راضياً

وأقول: إن عسَّرتُ ذاك حرام

كم كنتُ أدأبُ – في التجلد – للشقا

وشهوديَ الأحوالُ ، والأيام

كم كنتُ أصبر في مواجهة العدا

والشامتين ، وللقاء أوام

كم كنتُ أعفو عن إساءتكِ التي

عنها تناءى الظالمون ، وصاموا

كم كنتُ أصفح راجياً منكِ الوفا

وأقول: قد زلّتْ – بها – الأقدام

كم كنتُ ألتمس الحقوق تزلفاً

من زوجةٍ إحسانُها الإجرام

ولعبتِ بي دهراً ، فقلتُ: ستستحي

فلربما شفعتْ ليَ الأعوام

ولربما قلبتِ أوراق الشقا

فرحمتِ شيباً – في يديه – حُسام

ولربما فكرتِ في أحوالنا

فلواكِ – عن أهوائكِ – الإحجام

ولربما راجعتِ ماضيَكِ الذي

اليومَ فيه – من التعنت – عام

ولربما قلتِ: الفداءُ أنا لمن

هو – في الحياة – الصاحبُ القوّام

ولربما قلتِ: الحليلُ قرابتي

والأهلُ ، والخلانُ ، والأرحام

ولربما قلتِ: الحياة تعافها

نفسي ، إذا هذا الحبيب يُضام

لكنما أشهرتِ سيفاً كالردى

ولديكِ بعدُ جنادلٌ ، ورِجام

وطعنتِ زوجاً كم أعزكِ في الدنا

وكما تريْن الجرح لا يلتام

وجعلتِهِ هدفاً لأخبثِ معشر

في كفّ كلٍّ في الوغى صَمْصام

وجعلتِ منه ضحية لسيوفهم

ومِحالهم ، واستأسدَ الأقوام

ووقفتِ خلف صفوفهم مَزهوة

لمَّا يصدكِ موقفٌ وزحام

كم كنتِ سافلة نأى عنك الحيا

وعلى السفيهة ليس قط مَلام

كم كنتِ هازلة تمَلكها الغبا

ما الناسُ إما زاغت الأحلام؟

كم كنتِ فاقدة المروءة فظة

والقلبُ فيه من السفول رُكام

كم كنتِ جاحدة لكل تكرّم

جودي مضى والفضلُ والإنعام

حتى إذا طلقتِ ، أهلكِ باركوا

وتسامروا بالأغنيات ، وهاموا

وبدأتِ مرحلة يُغرّد طيفها

لمّا أتاهم عاشقٌ مقدام

أغراه فيكِ تبذلٌ ، وتغنجٌ

وتكسُّرٌ يسبي النهى ، وقَوام

فأتى يُقدّم شوقه متملقاً

يبغي التقرّب ، والمزارُ لِمام

والأمر أبْرمَ بعدما آذنتهم

خاب الهوى ، والدسُ ، والإبرام

وأقيمت الدارُ المنيفة تحتفي

بمليكةٍ تحلو – لها – الأحلام

تستروح الأنسام في بُحبوحةٍ

ويطيبُ عيشٌ ناعمُ ، ومنام

وأذقتِه مُراً ، فردَّ بمثله

ودَهى حياتكِ يا (رباب) ظلام

هذا انتقام الله مِن مَغرورةٍ

والزوجُ – في ذا الانتقام – هُمام

وأراكِ من قدر المليك عسيرَهُ

والحق جاء ، وزالتِ الأوهام

حتى اصطليتِ بناره ، وسعيره

وشوى افتراءكِ في العذاب ضِرام

تالله ما كل الرجال حمائمٌ

كلا ، ولا كل النساء يَمام

شتان بين الزوج يعطف حانياً

والزوج يبطش عندما ينضام

والله ما استويا: حليلٌ مخلصٌ

لكِ لان ، وهْو السيد الضرغام

وحليلٌ اختاروه دون تريثٍ

ما ردّه دمعٌ ، ولا استرحام

ما ردّه هوجاء باعتْ زوجها

من أجله ، ما ردّها استذمام

لكنه كيدُ المليك ومكرُه

وبنار كلٍّ يَصطلي الظلّام

فرماكِ زوجُك في العَرا مترفعاً

عن فظةٍ – معها – الحياة سُخام

أعتى مطلقةٍ ، وأشرسُ حُرمةٍ

فلتعلمي أن الزمان عِصام

لكِ لن أعود ، ولو لقيتُ مَنيتي

واليومَ لي بمبادئي استعصام

لا تأملي يوماً لقاءً بيننا

مهما أتتني – من ذويكِ – سِهام

أنا لست كلباً قيؤه مَطعومُه

كلا ، وهل قيءُ الكلاب طعام؟

فابقيْ بلا زوج يُعفكِ كالنسا

وعليكِ – من أثر النشوز – قتام

وتخيّري السُكنى بجوف زريبةٍ

فلربما سعدتْ بكِ الأنعام

أو صاحبي الأغنامَ أصدقَ صحبة

فلربما احتفلت بكِ الأغنام

لا تحذري قرناً ، فعندكِ مثله

ولديكِ إن كثر الثغاء كلام

أنا قد بتتكِ بعدما عنفتني

ولسوف يَقضي الواحدُ العلام

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات