المتوكل آثر الرفيق الأعلى!

كم كنتُ أرجو أن تؤوبنني غدا

بقصيدةٍ في الموت تختصرُ المَدى

وتُشيّعُ الجُثمانَ تحملُ نعشه

وتمدّ – بالدعوات – للمولى يدا

وتُذكّر الأحياءَ بالموت الذي

وافى ، وإنّ لكل عبدٍ موعدا

وتعيدُ للأذهان ذكرى مَن مَضوْا

أرأيت فرداً لم يُزلزله الردى

وتردّ للحق الذين ترهّلوا

وتنكّبوا – بعدُ – السبيل الأقصدا

وتلقنُ البُلهاءَ درساً شافياً

بين الورى ينعي الشبابَ الأغيدا

كم كنتُ آملُ أن تُعزي عِترتي

عند المقابر شيّعوني شُهدا

وتسحّ دمعاّ – في المصيبة – غالياّ

يُمسي – لفرط الوَجد – بحراً مُزبدا

وتُصَبّر الأحبابَ فيمن قد سوى

وغدا – له – قبرُ المنيّة مَرقدا

وتذرّ وَعظك ، كي تُجفف دمعَهم

وتُفيدَ – بالوعظ – الضيوفَ الروّدا

وتسوقُ نصحَك للعِيال وأمّهم

لتخففَ الحزنَ العتيّ المُوقدا

وتبث – بين الناس – خطبة مُخبتٍ

طابت مواعظه ، وعزّت مَقصِدا

وتقول – للأبناء – لم يرحلْ أبٌ

كلا ، ولم تذهبْ نصائحُه سُدى

ربّى وعلمَ وفق شِرعة ربنا

وأبان درباً يصطفيه مَن اهتدى

لكنه أملٌ ومَحضُ تخيّل

وتعشمٌ في عالم الذكرى شدا

وقضاءُ ربي فوق كل ترقب

واللهُ يعلم ما يكونُ – لنا – غدا

وبليتي – في الخِل – تكسرُ خاطري

والعينُ تُزجي الدمعَ رياً مُرفدا

ونعتْ إليّ حبيبَ قلبي أسطر

ترثي الفقيد العبقري المُفتدى

فقرأتها ، والدمعُ يغمرُ مُقلتي

والحق أن الخِل ليس مُخلدا

لكنها الذكرى تُسربلُ مُهجتي

والحزنُ في قلبي الأسيف تجدّدا

أنا وابنُ عِز صاحبان تخلصا

مِن شُؤم غائلة الريا ، وتجرّدا

هي صُحبة في الله ، فاح أريجُها

والصحبُ عاشوا يمدحون المَشهدا

والشعرُ – ويحَ الشعر – بارك خلة

أضحى بها الكَروانَ إنْ هو غرّدا

عِقدان أهداني المودة فيهما

والحب كان له بقلبينا صدى

لم نختلفْ يوماً ، ولم يكُ هاجري

وعن الصديق الشهمُ كم ردّ العِدا

نِعم الصداقة أينعتْ ثمراتها

وورودُها طفقتْ يُداعبُها الندى

والفارس (المتوكلُ) الفذ اعتلى

مَتن الشرافة مُخلصاً ، وتفرّدا

لم يدّخر جهداً ، ولم ين عزمة

بل عاش يحملنا على حب الهُدى

ورعى الأمانة عالماً ومُعلماً

ليحوز – مِن صَون الأمانة – سُؤددا

وسما – بأمجاد الأخوة – شامخاً

وغدا ببذل الطيبات مُمجدا

وطرقتُ باب البيت مِن شهر مضى

فدنا ، ورحّب مادحاً ومُقصِّدا

ورأيته مستبشراً متبسماً

شأنَ التقيِّ إذا صفا وتعبّدا

وشدا وجاملني بأعذب قوله

ومزاحه ، ثم استهل وأنشدا

وأتى بشاي في الكؤوس مُعطرٍ

وأعد مائدة ، وأحضر مقعدا

فجلستُ فوق بساطه ووساده

إن البساط يُريحُ ضيفاً مُجهدا

وأخذتُ أسمِعُه رطيبَ لطائفي

حتى يُقوّم الاعوجاجَ إذا بدا

فأصختُ سمعي للوصايا قانعاً

لمّا غدا الخِل المُبجّل مُرشدا

إني التمستُ رحيله عن دارنا

إذ ليس عبداً – في الحياة – مُخلدا

فضربتُ بين يديه وعداً باللقا

عما قريب كي يُواصل ما ابتدا

فاختار لقيا الله أصدق صاحب

واللهُ أكرمُ مَن أغاث وأنجدا

فعليه رحمة ربنا ما أشرقتْ

شمسٌ ، وأسدى الله ليلاً سرمدا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات