القاضي المصري الرحيم هشام الشريف (فخر الصعيد)

حيّ القضاءَ ، وأوْلِهِ التكريما

إن كان حقاً ينصر المظلوما

وامنحه من أرج الشرافة جانباً

إما تورّع أن يكون ظلوما

واجعله في أوج الكرامة شامخاً

إن أحسن الأحكام والتحكيما

وأنِلْهُ أمداحاً تروقُ لسامع

إن حكّم الشرع الحنيف قويما

واخلع عليه من المهابة والبها

ما يستحق ، وضاعفِ التكريما

إن القضاء إذا تنزه واستمى

منح البلادَ حضارة ونعيما

وأضاء هذا الكونَ نورُ عدالةٍ

وغدا قضاة العدل فيه نجوما

وحبا العِبادَ حقوقهم وأمانهم

وأزال عن دنيا الأنام غموما

ولأنصفَ القوم استبيحتْ دُورُهم

وعليهمُ صَبّ الطغاة حميما

ولئن نسيتُ ، فلستُ أنسى قاضياً

كفل الضعيفَ ، وأبهج المغموما

وهناك في (حلوانَ) كان نضاله

وكفاحه ، أعني (الشريف) هشيما

شهدته تسعينات قرن قد مضى

إذ كان في ساح القضاء حكيما

مستلهماً أدب التحاكم والقضا

لما يكنْ متفرعناً مذموما

حتى محاموه ارتأوا فيه المضا

والحزمَ والإشفاق والتصميما

والمذنبون يرون رحمة حكمه

إذ كان حقاً – بالجُناة – رحيما

ولقد يؤدي عن مَدين دَيْنه

إن (الشريف) البر عاش كريما

أسمعت عن قاض يجود بماله

حتى يبرّئ غارماً مكظوما؟

أسمعت عن قاض يلاطف جانياً

كيلا يوبخ منذراً ويلوما؟

هذا هو القاضي (الشريف) ، خِلاله

مشهورة ، والصيتُ بات عظيما

حتى أتى دَور التي ما سددتْ

دَيْناً ، وأصبح قلبها مكلوما

وأتت إلى القاضي (الشريف) طليقة

والدمعُ أصبح هاطلاً مسجوما

لا قيدَ ، لا قفصاً ، ولكنْ حسرة

في القلب ، ليس مصيرها معلوما

و(شريفنا) نادى عليها مُكْبراً

لمّا رأى – في المُقلتين – هموما

لمَ لمْ تؤد الدَّيْن يا ست النسا؟

هي سبعة الآلاف ، لستُ مَلوما!

لكنه حقٌ يُرد لأهله

أترين قولي واضحاً مفهوما؟

أم أشكلتْ جُملٌ عليكِ أعيدُها؟

هل تقبلين – لدَينكِ – التسليما؟

قالت: وربي الدَينُ ألفٌ واحدٌ

أنا لستُ أملك منه لو مِليما!

قال: اصدُقيني عن حياتكِ كلها

وتكلمي عما جرى تكليما

فالكل منتصتٌ لكل كُليمةٍ

وتخيري لفظاً يكون سليما

وعليكِ بالصدق الذي هو حُجة

وتجنبي قولاً نراه سقيما

قالت: وربي أرملٌ ومُعيلة

في عالم أمسى عليّ غسيما

أما بُنياتي الثلاث فعُدتي

في العيش ، لولاهن صار أليما

وأعيشُ يكلؤني نوالُ المحسنيـ

ـن جميعِهم ، مَن أطعموا المحروما

هذا تكفل بالدوا وغطائنا

وسواه ساق الشربَ والمطعوما

والحال أشكوه لخالقنا الذي

هو بالذي ألقاه كان عليما

فأجابها القاضي: سيُفرجها الذي

خلق الأنامَ ، وأوجد المعدوما

وعلى المنصة شد منديلاً يُرى

للناظرين مقسّماً تقسيما

وعليه خمس من مئاتٍ ترتجي

منهم مزيداً يُكْملُ المرقوما

وتكفل القاضي بمدح رفاقه

والحاضرين مُقيّماً تقييما

ويقول: أنتم أهل فضل في الورى

وأقول ذلك قاصداً تعميما

إني أراكم أهل كل مروءةٍ

ها قدّموا معروفكم تقديما

فتحمّس الجمهور يُبدي جوده

أمسى الجواب محبباً ومَروما

فإذا بآلافٍ ثمانية على

منديل قاضينا تصد خصوما

وإذا محامية الموكّل صرّحتْ

بحقيقة الدين المثير قصوما

من أنه خمسٌ مئاتٌ لا سوى

فأسرتِ التحكيم والمحكوما

فتناولت خمساً مئاتٍ ، وانزوتْ

وأتى كلامٌ ليس بعدُ بهيما

من أن ما يبقى لمن هي سُربلتْ

حتى تُربِّيَ مُعدماً ويتيما

فاستبشروا خيراً ، وهلل جمعُهم

والبعضُ عظمَ ما يرى تعظيما

وأنا كتبتُ الشكر شعراً بيناً

كيلا يكون من الكرام عقيما

أكبرتُ ما فعل (الشريفُ) بحُرمةٍ

عدمتْ عطوفاً في القضاء رحيما

حتى إذا برز (الشريفُ) استبشرتْ

خيراً يزيل عن الضعاف جحيما

بك يا (هشامُ) تشرفت أنشودة

ورأيت شعري طيباً مكروما

أعطيت درساً للقضاة مدعماً

بأدلةٍ تدع الجهولَ عليما

ويلٌ لقاضي الأرض من قاضي السما

إن كان ليس يُناصرُ المظلوما!

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات