الصعيدي عندما يعف (قصة شاب صعيدي غفيف)

اشمخ – بعزك – بُكرة وأصيلا

فلقد أقمت – على العفافِ – دليلا

واقنعْ – بعيشك – هانئاً مستعففاً

فلقد سلكت – إلى النعيم – سبيلا

واثبتْ على درب الفضائل والهُدى

وازرعْ – على تاج العُلا – إكليلا

وأدمْ صلاتك – للمليك – تضرعاً

فلقد جزاك – على الجميل – جميلا

واشكرْ لربك جُوده وعطاءه

إذ إن للشكر العميم قبولا

واقرأ كتاب الله محتفياً به

دوماً ، ورتلْ آيَهُ ترتيلا

واعمدْ إلى الصدقاتِ وارجُ ثوابَها

فالمالُ قد خوّلته تخويلا

وامسحْ على رأس اليتيم تلطفاً

أبداً ، وكنْ – للمُعدِمين – كفيلا

وإلى الأرامل أحسننْ تنل الرضا

وتكون عند مليكنا مقبولا

وإلى ذوي الحاجات أدّ حقوقهم

وانثرْ عطاءك فوقهم مبذولا

وأعِرْ – لأهل الفقر – أذناً تشتهي

إسعادَهم ، وتزيدُهم تفضيلا

وألنْ حديثك للذي – لك – قد أتى

يرجو نوالاً ، وابذل المأمولا

واذكُرْ بأنك كنت يوماً مثله

مستهجَناَ – في ذي الحياة – ذليلا

واذكرْ بأنك كنت تنشدُ لقمة

وتبيتُ مِن ذلّ السؤال عليلا

واذكرْ بأنك كنت ترجو شرْبة

وتظل – من لهب الظما – متبولا

واذكرْ بأنك كنت تطلبُ مسكناً

ترتاحُ فيه – من العناء – قليلا

واذكرْ بأنك كنت تأملُ ملبساً

فإذا ثوى ، لم تبغ عنه بديلا

واذكرْ بأنك كنت أفقرَ أيّم

لمّا تكنْ إحدى يديه الطُّولى

واذكرْ مُكوثك في الخلائق واجماً

تهجو القنوط ، وتنقُدُ التنكيلا

واذكرْ سؤالك مَن يَدل بماله

حتى قلاك ، وكان بعدُ بخيلا

واذكرْ وقوفك – بالمفارق – سائلاً

والناسُ تمقتُ طالباً وسَؤولا

واذكرْ تزلُّفك الحييّ تريدُهم

أن يُكرموك ولا يردّوا السولا

واذكرْ دموعك يوم سالت تشتكي

ضنكَ الحياة وسيفها المصقولا

واذكرْ أنينك مِن مُكابدة الضنا

واذكر ستار حيائك المسدولا

واذكرْ نحيبك زاده فرطُ الجوى

يبكي مصيراً غامضاً مجهولا

واذكر نشيجك يوم سربلك الدجى

وتعلقاً باليُسر كان ضئيلا

واذكر إباءك يوم زلزله الطوى

والدمعُ يحفرُ – في الخدود – مَسيلا

واذكر عفافك في المصاب قد اكتوى

بالنار تحرقُ زادَه المَكفولا

واذكر سؤال الله يوم قيامةٍ

عما اكتسبت بذي الحياة الأولى

يا ابن الصعيد جُزيت خيراً وافراً

ووقيت شُحاً – في القلوب – وبيلا

والمرءُ بالإسلام يَصلحُ حاله

فالشرعُ خيرٌ مَوْرداً وأصولا

والشرعُ في الظلمات بدرٌ ساطعٌ

وهُدىً يُبيدُ الغيّ والتضليلا

والشرعُ يهدي – للرشاد – مُريدَه

فيُحكّمُ الأخلاقَ والتنزيلا

والشرعُ موئلُ مَن يودّ نجاته

فيُثاب في – يومِ الجزاء – جزيلا

والشرعُ حُجةُ مَن يعيش لدينه

هو – في الدياجر – يحمل القِنديلا

والشرعُ أعظمُ ما يُميّز عاقلاً

كم شاد تشريعُ المليك عقولا

والشرعُ يمنحُ كل نفس رُشدَها

كي تستطيعَ – إلى الجنان – وصولا

يا ابن الصعيد درست دينك راغباً

ثم انطلقت تدَوّن التأصيلا

فعلمت مقصود الشريعة واعياً

وفقهت مِن منصوصها المَدلولا

وسبرت أغوار الأمور وفقهها

والحق والتحريمَ والتحليلا

ووعيت قرآن المهيمن مسلماً

علِمَ المُراد ، وأتقنَ التأويلا

واللهُ خصّك بالتفقه في الهُدى

والعلمُ أصبحَ سيفك المسلولا

تقتصّ مِن نفس تجرّعّك الشقا

وتبيدُ مجتهداً بصائرَ حُولى

وتضيئ عزماً لم يكنْ مترهّلاً

وعلى التطفل لم يكن مَجبولا

وتعيشُ بالتقوى رضيّاً قانعاً

كيلا تكون معانداً ضِليلا

لم تتخذ دين الإله دراسة

ترجو بها – بين الورى – تنويلا

فالأكلُ بالإسلام أخبثُ منهج

تعسَ التكسّب ، كم أضل كهولا

شابوا على بيع الشريعة للمَلا

واستعذبوا التطويع والتعطيلا

ضلوا ، فللدنيا تفقه حزبُهم

وأراهمُ فعلاً أضلوا الجيلا

لكنّ صاحبنا ترفعَ ، واعتلى

مَتن العفافِ مُبجّلاً بُهلولا

واللهُ أكرم في الخلائق شأنه

لمّا تفكر في المصير طويلا

أكلُ الحرام يُميتُ قلباً مُخبتاً

ويَدُكّ عزماً – في الضمير – جليلا

هي أكلةٌ حُبُ الكبائر بعدها

ويبيتُ آكلها العصيّ أكولا

ولذا تورّع أزهريّ صعيدِنا

فغداً سيُصبح – في الكُدى – مأكولا

حتى أتت شيخاً له خيرُ النسا

مَن آثرتْ – في الاختيار – عُدولا

وتُريد زوجاً – للفتاة – موحّداً

وعلى تديّنه يُقيمُ دليلا

والشيخُ طمأنها ، وبلغها المُنى

طرباً ، وهللَ ضاحكاً تهليلا

وأتى – لصاحبنا – ببُشراه التي

قد ذللتْ – لفؤاده – تذليلا

وأتته دنيا ما سعى لنوالها

بل سُهلتْ لجنابه تسهيلا

وتملكَ المالَ الكثير بصبره

وتزوّج العزبُ العفيفُ بَتولا

وتحوّل الحُلم العجيبُ حقيقة

حتى الخيالُ غدا له معقولا

والناسُ بعدُ فمُكْبرٌ لعلومه

ومُبجّلٌ أخلاقه تبجيلا

حاز الأصالة مِن جميع مِهادها

دينٌ وأرضٌ أنبتاه أصيلا

أخلاقه الإسلامُ هذب سَمتها

وصعيدُنا زكّى – لديه – مُيولا

أصلٌ وأخلاقٌ ونُبلُ مَحاتدٍ

والدينُ جمّلَ طبعه تجميلا

اللهُ أكبر ، لا أزكّي خلقه

يا ليتني أمسِي لذاك خليلا

للهمّ باركْ في الذين تمسّكوا

بعُرى الهُدى ، كنْ ناصراً ووكيلا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات