الحُطيئة إمام الهجائين!

أبا مُليْكة ثارَ الشعرُ والأدبُ

على هجائك إذ ضاقت به العربُ

هجوتَ حتى طغى الهجاءُ مُكتسحاً

شُمّ الغطاريف مَن نأوْا ومَن قرُبوا

سل القبائلَ قد أودى الهجاءُ بها

ثم احتوته لقوم بعدهم كتب

سل الكِرامَ ، وقد أزرى القريضُ بهم

من بعد أن سجلتْ ما يحمل الخطب

سل الأماجدَ عمّا نال سُؤدَدَهم

مِن السِباب على الأفذاذ ينسحب

سل الدّيارَ عفتْ من بعد رفعتها

مضى العَمَارُ وجاء العارضُ الخرب

سل الطلولَ تُعاني بُعدَ ساكنها

كيف النماءُ زوى ، فاجتالها الجَدب

سل القصائدَ كالنيران حامية

في كل بيتٍ يفورُ الجَمرُ واللهب

سل الشتائمَ ما اعتز القريضُ بها

بل مَجّها ، فغدتْ بالخِزي تختضب

سل المطاعنَ في الديوان شاهدة

أن (الحُطيئة) ليثٌ في الهجا حَرِب

سل البذاءاتِ في أشعاره فجَعتْ

قلوبَ مَن قرأوا – ما خط – أو كتبوا

سل السخافاتِ أملاها وصدّرها

باتت رصيداً لأهل البَغي يُطلب

أبا مُليكة هل نلت الفخارَ بما

أنشدت مِن نزق يُزوى ويَضطرب؟

وهل بلغت الذرى بما جهرت به

مِن الهجاء إلى السُفول ينتسب؟

وهل تفيأت مجداً كنت تنشدُه

بما انبريت له يقودُك الغضب؟

من القصائد ما دفّ القريضُ لها

يوماً ، ولم يحتملْ عزيفها الأدب؟

و(عبس) تشهدُ ما أنشدت تحرجُها

بين القبائل ، والميزانُ منقلب

لمّا تكسبت بالأشعار ما ارتفعتْ

وما تقبلها الأشاوسُ النجب

ما الشعرُ إن أصبح الدينارُ سيدَه

وشابه الغِش والتدليسُ والكذب؟

ما الشعرُ إن كِيل بالأمداح ترجحُه؟

ما الشعرُ إن كان في الفوضى له الغلب؟

ما الشعرُ إن لم تكن ترقى به قِيمٌ

يذودُ عنها ، ويُعْليها ويحتسب؟

أبا مليكة عاصرتَ الكِرام فما

كان اقتداءٌ بما أتوْه أو قرُب

وعشت عَصرَ نبي الله دون هُدىً

ألم تكن لكلام الله تنجذب؟

ألم تحدثك بالإيمان عن رَشدٍ

نفسٌ سَقاها الصدودَ اللهوُ واللعب؟

ألم يُسامرْك طيفٌ نحو (أحمدِنا)؟

ألم يَقدْك إليه الشوقُ والرَغب؟

أما اعتبرت بما قد حَلّ مِن نذر

مِن بعدها نصُبُ الأصنام تجتنَب؟

أما تساءلت عما ساد مِن شُبَهٍ

في الناس ، رَوّجها جُل الألى كذبوا؟

أما تفكرت في عادات مُجتمع

ساداته مِن أسى تطبيقها خشُب؟

أما تأملت في الأعرافِ ضاقَ بها

عقلُ اللبيب ، وأوهى فكرَه العَجَب؟

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات