الحنيفية السمحة – معارضة لحمد بو شهاب!

قبل الرسالة ماذا كانتِ العربُ؟

وأي مجدٍ لهم يُرجى ويُطلبُ؟

وأي عز لهم في كل باديةٍ؟

وأي معرفةٍ شادت بها الحقب؟

وأي خير أتوا يرجوه راغبه؟

وأي علم لهم بالنور يعتصب؟

وأي منقبةٍ تُزْكِي مآثرهم؟

وأي حق به تُستأصلُ الريًب؟

وأي مُسْكة عقل في ضمائرهم؟

وأي رُشدٍ إليه العُرْب تنتسب؟

وأي بأس لهم في الحرب يرفعُهم

فوق الأنام إذا ما غولبوا غلبوا؟

وهل هناك لواءٌ كان يجمعُهم؟

وهل سما – في دنا أجدادهم – أدب؟

وهل توحّد صفٌ ضمّ سادتهم؟

هل وحّدتْ بينهم في المحنة النوَب؟

أم أنهم – في دجى أهوائهم – غرقوا

ومِن سراب أسى أصنامهم شربوا؟

وفي التذرع بالإفلاس كان لهم

باعٌ طويلٌ – على شاراته – طربوا؟

ضاعت ممالكُهم ، وزال سُؤدَدُهم

وليس تحوي الذي قد أحدثوا كتب

فالرومُ والفرسُ عاثوا في حواضرهم

وأمة العُرْب في ثاراتها تجب

كسرى وقيصر مَدّا كفّ منتقم

ونارُ كيدِهما – في العُرب – تلتهب

ودارُهم في أتون الصمت مُطبقة

أجفانَها بعد أن أودى بها الرّهب

وخيرُهم زمرُ الباغين تحصُدُه

وأرضُهم – رغم أنف الكل – تغتصَب

هم حرّفوا دين إبراهيم ، فانجرفوا

مع المعاتيه مَن في شِركهم ضربوا

وبدّلوا ملة التوحيد في صلفٍ

وعن سنا شِرعة الإسلام قد رغبوا

وأصبح الشرك دِيناً في تصوّرهم

وكعبة الحق – مما ساد – تضطرب

وعَظم القومُ أصناماً وأنظمة

فما تبقى لهم عِز ولا نسَب

وسبّحوا بعُرَى الأوثان في ولهٍ

وقدّموا النذرَ والقربانَ واحتسبوا

وأمعنوا في دجى الغارات صيحتهم

وأحرقتْ بأسهم في الملتقى الشهُب

وأهدروا حق حواءٍ ، فما اعترفوا

لها بعيش ، فما سادوا وما كسبوا

بل شرّعوا الوأدَ قبراً كي يُغيّبها

فلا يَبينُ لها – بين الورى – جلب

وأقنعوا الكل أن الوأد بوتقة

فيها يزولُ الأسى والوَجْد والنصب

وحرّموا الإرثَ للأنثى ، فما أخذتْ

حقاً يؤولُ لها ، والإرث ذا سبب

حتى القِمارُ لهم مُدتْ موائدُهُ

وكان فيه العطا والجود والطرب

والمَيسرُ المُر يمكو في مجالسهم

والخمرُ يسكبها – في كأسه – اللهب

ولو تراهم على الأنصاب قد جثموا

لقد يَهزك – مما تنظر – العجب

وعند قاعدة الأزلام قد ركعوا

فليس عندهمُ رُشدٌ ولا لبب

وقاتلوا دون ما دانوا وما اعتقدوا

وقد أعِدتْ لذا الهندية القضب

وبالقبيلة – في أنسابها – افتخروا

وإنْ تمَسّ إذن قاموا بما يجب

وأعلنوها على العادي مُدوية

خمسين عاماً وهم في مَكْرهم دأبوا

والجاهلية تمحو كل صولتهم

وهم عبيدٌ لها مِن بعد أن نكبوا

فهل بها اتحدوا داراً وجمهرة

وصِينَ دمّ على البطحاء ينسكب؟

وهل رأيت سلاماً زار عالمهم؟

هل زال ذعرٌ به قد كان يُرتكب؟

لا يغضبون إذا ضاعت ممالكهم

وإن خبا عُرفهم أغراهمُ الغضب

وهم لغير المليك الحق كم ذبحوا

وبعدُ كانت لهم في شِركهم خطب

حتى أتاهم على حين محمدُنا

فزالتِ الغمَمُ الرّعناءُ والكُرَب

وكان خيراً على الأعراب مبعثه

وعاد حقٌ ثوى قد كان يُنتهب

دعا الجميع إلى الإسلام ، فانقسموا

طريقتين ، فذي صدقٌ ، وذي كذِب

وبلغ الحق يسمو في مدارجه

وكان للحق – رغم الكافر – الغلب

عُروبتان: فذي سعدٌ ، وذي كدرٌ

لا يستوي الشيحُ عند الذوق والعِنب

توحّد العُرْبُ في قفر وفي حضر

والكافرون – أمام القوة – انهزموا

والدارُ عادتْ ، وللإسلام قد فتحتْ

والخيرُ عمّ ، وولى القحط والجدب

وساد مَن كان – في الأوحال – منجدلاً

والمجرمون بما قد أجرموا ذهبوا

واستسلم الكل للرحمن ، واتبعوا

خيرَ الأنام ، وفي التقى رغِبوا

وأصبحتْ أمة الإسلام مملكة

تؤوي الجميع فما في الأرض مغترب

حُرّية برجتْ في الاعتقاد ، فما

للسيف في ساحها نيلٌ ولا أرب

تكفل الدين بالإنسان ، كان له

حِصناً يلوذ به إن أزه التعب

تحرّرَ الناسُ مِن فوضى تُمزقهم

وأسعدَ البِشْرُ مَن قد كان يكتئب

أكرم بدين رأيتُ النورَ منهجُه

وعيشُنا في ذرى التقوى له لقب

أعطى العروبة روحاً كي تعيش بها

هو الحياة لها ، والعزمُ والعصب

قد صاغها صِيغة شهباء ناصعة

فالسلمُ أمٌ لها ، وبعد ذاك أب

عز الأعاربُ بالإسلام ، فانطلقوا

يدعون لله ما قرّوا ، وما هربوا

وجاهدوا في سبيل الله مَن كفروا

ومَن إلى سالف السوآى قد انقلبوا

وحرّروا الأرض مِن أضغان شرذمة

شادوا الهزائمَ ، إذ أهواءهم ركبوا

وطبقوا الشرع – للإيمان – ترجمة

فهم على الوحي في هذي الدنا رُقب

هذي العروبة بالإسلام نابضة

هو النماءُ لها ، والعِلمُ والأدب

إن حققتْه سَمتْ في الأرض واحتُرمتْ

وإن قلتْه سَرى – في قلبها – العطب

ولا أقلّ على ما قلتُ أمثلة

مِن نظرةٍ صاغها بالحق مَن كتبوا

مِن الذين سنا التاريخ يشكرُهم

إذ سطروهُ فما غشّوا ولا كذبوا

ما العُربُ قبل مجيئ السِلم يصنعُهم؟

وكيف هُم بعدما إلى الهُدى انتسبوا؟

يا صاح فانظرْ إلى ما السِلمُ أحدثه

فيهم ، وتشهدُه الأجيالُ والحِقب

تلق الحنيفة أحيتهم ، وقد أسنوا

وأنطقتهم ، وهم – لمَن يعي – خشُب

وهكذا السِلمُ يُحيي مَن يدينُ به

شرعُ المليك لدنيانا هو الشهُب

ونحمدُ الله أن كنا له تبعاً

وضمّنا بالنبي المصطفى نسب

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات