الأفعى! (عندما حولها مالها إلى أفعى صار لها فحيح الأفاعي!)

إيهِ يا أفعى غلتْ خلجاتُ

شاهداتٌ – بالخنا – الربوات

أنتِ دبّرتِ المكائد شتى

ثم خانت كيدَك العزمات

وزعمتِ المال يُعمي تقياً

هل بمال تشترى المُهَجات؟

وإذا الإغراءُ منكِ رقيعٌ

وإذا – من حولكِ – النكبات

وإذا التدليلُ أزهق نفساً

وإذا – في قلبكِ – الخفقات

إنما الدينارُ ينضح كِبْراً

ثم تقلو المُقلة العَبَرات

وإذا الدينار جمرٌ صهيرٌ

في دجاه تحرَق البركات

وإذا بالإنسان بعضُ هواء

تحتوي أخلاقه الخطرات

إنه بالونة تتهادى

قتلتها – في الورى – الأنات

إيهِ يا أفعى لفظتك صدقاً

فلماذا هذه الغمزات؟

ولماذا تزرعين البلايا؟

أحرقتنا هذه النزغات

إنني نجمٌ تلألأ شوقاً

شوّقته الحورُ والجنات

ثم عُدنا – بعد ذلك – نوراً

ولنا – في غيرنا – شذرات

في دُجاكِ كم رأيتُ سُعاراً

وكذا – في الملتقى – سطوات

آهِ من عِشق – بقلبكِ – يسعى

وله – في ناظريْكِ – فرات

ودلالٌ في الضمير يناغي

وإذا في صمته حركات

وخضوع في الكلام وهمسٌ

وحَرامٌ هذه الهمسات

كلما طفّ الأوارُ ، وأرغى

أشعلتْ ناراً به اللفتات

قالت الأفعى: هلمّ إلينا

وبصوتٍ حشوُه نبرات

اركب الناقة ، ذاك جميلٌ

ولها في عَرضها نظرات

ناقتي رهن الإشارة ، فاسمعْ

وأنا الجمّال لي شرُفات

ثم قالت: قد حججتُ ثلاثاً

شاهدي في دعوتي عرفات

قلتُ: قد فاقتكِ أم جميل

فلها في الكعبة البصمات

إنما التوحيد أصلٌ أصيلٌ

ثم تأتي بعده الصلوات

قاطعتني بالجدال ، وثارت

ثم قالت: هذه طعنات

قلت: كلا ، شرعُ ربك هذا

إنما غصّت بك الخطوات

صارحيني ما وراءكِ حقاً

كيف قد زلت بك الشهوات؟

كيف هذي النفس أمست حضيضاً

للمخازي؟ إنها النزوات

فأجابت إننا في زمان

تنمحي في نوره الظلمات

حُررتْ حواءُ فيه ، وعاشت

بعد وأدٍ ليس فيه حياة

ثم تأتي ما تريد فتاة

ليس – في قاموسنا – حُرُمات

قطعَ العشقُ الوريد فضِعنا

ليس في سِكّينه رَحَمَات

فارحم القلب المُضمّخ عشقاً

عذبتْ عُشاقنا الكرُبات

خففِ الوعظ ، وأطفئ غرامي

قلتُ: كلا ، إنها الشبُهات

إنما الشيطان زخرفَ هذا

حُرّمتْ في الدين ذي الخلوات

إنما سيارة كجحيم

ناقة ذي ، والسائسُ العثرات

فرأيت الغِل أمسك رمحاً

ثم تجري – خلفه – الآهات

إيه يا أفعى مَرارٌ شقائي

وشقاءٌ ذا دونه شفرات

إن قتِلتِ في فلاتك أولى

مِن مُراداتٍ بعدها الدركات

فاكْبتي هذا الفحيحَ ، وقرّي

فعساها ترديك ذي الزفرات

كيف تغتالين صقراً تسامى؟

ليت شعري ، والهوى قسَمات

ليس يهوى – من ثرائكِ – فلساً

وله في لهو المترفين عِظات

كيف تغتالين نجماً تسامى

وله في أصقاعكم نفحات؟

كفكفي دُعر الغرور ، وتوبي

ذبّحتْ أوتارَك الصرخات

كيف أفعى تختال زهواً وتِيها؟

جرّحتْ إذلالك الكلمات

خمسة كنا رجالاً كِراماً

في ديار حولها الأكمات

وذووكِ كيف طابت قراهم؟

أخبريني ، إنها هفوات

ثم هذا التيس زوجك يشدو

وتشي أشجانه النغمات

إيه يا أفعى كفاكِ دلالاً

فرّختْ – في دربكِ – السقطات

والمنايا – حول قدّكِ – شتى

فاستفيقي ، أمطرتْ حسرات

إنما أنتِ الدمامة فعلاً

شوّهتْ أخلاقك الزلات

إن في المرآة تلقين صدقي

حية تسْتعدي ، لها لدغات

وشعورٌ – في الهواء – تدلتْ

مثل ذيل الجدي مُنتثرات

ثم ظهرٌ – للوراء – مُسجّىً

مثل عُرجون به حفرات

ثم جيدٌ – كالفتيل – وئيدٌ

وإذا في عِطفه الفلتات

وعروقٌ – في ذراعكِ – عجفا

ثم في الساقين كم عثرات

وانتفاخ في الشفاه بغيضٌ

وشقوقٌ في الكفوف مئات

ثم في الأسنان بعضُ طعام

وكذا في العين كم وصمات

ثم أنفٌ مثل رجل غراب

وندوبٌ – تزري به – نخِرات

وقوامٌ ما له عطفاتٌ

كجيادٍ ما لها صهوات

ثم وجهٌ شاحبٌ مستطيلٌ

وخدودٌ كلها غبرات

وفمٌ مثل المفازة يبدو

سَوّد الأنيابَ فيه القات

ورضابٌ مستقذرٌ وكريهٌ

وإهابٌ من تحته الفقرات

ليس تغري فقد قلاها التصابي

برئتْ من هذه الحِلوات

مِشية مثل الغراب وأدنى

ولها في عَدْوها سرقات

وحنايا برغم عطر تدسّتْ

ليتها من عطرها تفلات

وأظافيرٌ كمخلب وحش

قد علتها للورى الزينات

وكفوفٌ شذت كريش هَزار

برزتْ من جلدها العظمات

لا أرى أنثى ، ولكنْ بقايا

ليس من حواءَ فيها سِمات

أنتِ – في الدنيا – شعورٌ تدنى

ثم في إحساسك الثغرات

تشربين الإذلال دون كلام

ثم أذللتِ الذي يقتات

آهٍ من كِبر يُسربل حمقا

وله – في عقلها – ضربات

فيم لبسٌ للعباءة؟ قولي

فصلتْ من تحتها العورات

عادة هذي ، وليستْ لدين

سَوّدتْ أزياءك العادات

عربد الماسونُ فيك ، وماجوا

فانبرتْ – في قومكِ – النعرات

أكل الأوغاد منك وعبّوا

فأحاطتهم هنا الشطحات

ثم أهل الفن فيك تسلوْا

سقطتْ – في الموبقاتِ – فتاة

أهلك الرقصُ المدمّرُ أنثى

سَعرتْ إحساسَك القبُلات

فرأيتِ المطربات نجوماً

بل بدورٌ في الدنا ملكات

إيه يا أفعى شردتِ بعيداً

كم دعاكِ – إلى الرشاد – دعاة

جيلُ هذي في الرذيلة جاثٍ

كيف تجدي – عنده – الدعوات؟

واعتدادٌ بالفلوس حقيرٌ

كيف في هذا السعير حياة؟

إنما الأخلاق عندك ضاعت

سوف لا يبكي عليك نعاة

وإذا منكن ماتت ألوفٌ

سوف لا يرثي هناك حُداة

أنت بكما في الحديث وعجلى

وكذا النبرات منهزمات

وكذا الألفاظ منكِ تعاني

سوف لن يأسى عليك نعاة

لست أرضى مثل هذي ببتي

وكذا لا يرتضيك هُداة

إنني غضُ الهداية آبى

وكذا لا يرتضيك أباة

وكذا غيرُ الموحّد يأبى

جوقة – في المغريات – سُعاة

باحث عن كل مُغر بأنثى

يعبدون الغِيد حقاً بُغات

ليس فيكِ اليومَ أيّ جمال

إنما ذاك الجمال هِبات

وزنُ هذي مثل مهد رضيع

والفؤادُ وزنه ريشات

فظة التعبير لست بخجلى

ككتاب ما له صفحات

ولباس شف عن جسم أفعى

ذهبتْ أعطافكِ النضرات

واصطناع الحسن داء يدنّي

رحل الحسنُ ، فلا فتيات

لملمي ثوباً لا يغطي ، وجدّي

تعستْ في فيك ذي الضحكات

إيه يا أفعى سُمومكِ ذابت

ما لها في جمعنا ثمرات

إنني وحدي أذيقك مُراً

ثم أبياتي كما الجمرات

أسكبُ الأشعار جمراً صهيراً

فوق رأس كله غبوات

لا أبالي منك ، أنت سرابٌ

ما – على أشعارنا – تبعات

يا غرابَ البين لا تتعالي

ربما أردتك ذي الرعشات

كم – على الإفلاس – نفسٌ تردتْ

كم أبادت حية همسات

فاستفيقي ، إن شِعري حسامٌ

قاصلٌ في غمده طلقات

فلمن أصباغ وجهكِ؟ قولي

أعلينا هذه السكرات؟

صدّقيني إن عُهرك بادٍ

ثم عارٌ هذه الفعلات

إيه يا أفعى كشفتك عمداً

ثم زال السم والدفقات

وإذا بالدينار باعك جهراً

بيعُ هذي كله قرُبات

ألف أفعى تشترى بجنيهٍ

وإذا يُقتلن فالحسنات

إنما الأفعى تفوقك حسناً

لم تنافقْ ، ما لها بسمات

إنما كيدٌ جهيرٌ تبدّى

وعليها لا تفتن الطرقات

والتلوي في الأفاعي جمالٌ

ثم فيكِ دمامة وموات

والتعري في الأفاعي سَتيرٌ

ليس – في دنيا الأفاعي – لات

لا تحلي أي أفعى صداها

بل فحيحٌ حولنا وخوات

ما لها بالمغريات سبيلٌ

ما لها بالمجرمين صِلات

إن ناموس الأفاعي صريحٌ

وله – في العالمين – ثبات

ليست الأفعى تبيع حياها

إنما بيع الحياء ممات

لا تبيع العِرض أفعى ، محالٌ

برغيفٍ ، بئس تلك صفات

لا تداجي حيّة ، أو تحابي

إن هذا طعنها وشِمات

ليس ترضى حيّة بخداع

زادُها بين الأنام فتات

إيه يا أفعى فجرْتِ كثيراً

وقلتكِ الأنفسُ النكرات

عالمُ الثعبان منك برئٌ

فعسى أن يعتريك فوات

مثل هذي في الحياة شذوذ

ثم قبحٌ شوّهته نِكات

وكذا حواءُ تبرأ منها

إن هذي في النساء شتات

رب فارزق بالهداية هذي

أو فخذها ، لن تفيد عِظات

مات قلبُ المستهينة هذي

ليتها – بين الأنام – رُفات

إنها دُعرٌ يروح ويغدو

ودُجىً لا يعتريه سُكات

فارحم اللهم منها البَرايا

قد أذلتهم بقهر باتوا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات