إنا لله وإنا إليه راجعون! (عقوبة أودت بأطرافه)

أغرقْ بدمعكَ وجه الأرض مُنتحبا

وارو المصيبة للأجيال محتسبا

واملأ قصائدنا بالحزن ما بقيتْ

في الأرض عاطفة تُنقح الأدبا

واغمرْ بماء الأسى والوجد عزمتنا

وحبّر الشعر مُلتاعا ومُضطربا

واحملْ همومك فوق الرأس مصطبراً

واكظم غمومك ، أمسى القلب منتحبا

واسكبْ مُصابك في أسماع من ظلموا

واحكِ البلية مجنوزاً لمَا كُتبا

رواية صُبغتْ بالدمع هامتها

والحزنُ كان لها عُقبى ومُنقلبا

وما أظن لها في الأرض من شبهٍ

والنفسُ مِن هولها قد لاكتِ الندبا

ما كان ضرك لو أن قد رفقت بهِ؟

لو كان يعرف ما يأتي لمَا لعبا

لكنه بُرعمٌ تجتاله حِيلٌ

وليس يُدركُ في دنياه مُنسرَبا

تداعبُ الدمية البكما أنامله

فينزوي جزلاً ، والدهْشُ قد هربا

يحبها: يزعم الدنيا – بزخرفها

له – عروساً ، إذا أمسى بها عَزَبا

براعة الطفل في مرآهُ قد زرعتْ

وفكرة النشأ قد تستصحب السحُبا

تصوّر الطفل دنيا لا حدود لها

إني لأعجب مِن تفكيره عجبا

زهرُ القلوب ، وياقوتٌ يجمّلنا

وحِلية فاقت المَرجان والذهبا

وزينة في حياة المرء يانعة

وكم عقيم رجا لو يشتري لقبا

وضجة في هدوء البيت صاخبة

وكم بيوتٍ بكت أطفالها النجبا

قلادة في دنا الزوجيْن ساطعة

ويصبحان إذا ما فارقت خشبا

وقد قضيتَ على أنوار جذوتها

فما رأيت لها ضوءاً ولا لهبا

والحِلم زينُ الفتى ، لو أن حلمتَ لمَا

أنشبتَ حبلك في أطرافها غضبا

أطعت إبليسَ في وَسواسه بُرَهاً

فعشتَ دهراً تعاني الحزن والكُرَبا

وكان شبلك للشحناء أضحية

إذ سلم الأمر للرحمن مرتقبا

وأفصحَ الطبُ عن فحوى نتيجته

فبعضُه في البرايا يُشبه اللعَبا

تدخلتْ في دجى البلوى مشارطه

واستأصلتْ رغم أنف الوالد الشعَبا

أتتك أم الفتى ترجو مسامحة

فقلت: طالقة ، وزدتها رهبا

فراعها الأمرُ ، واهتاجت جوانحُها

وحاولت فكّه ، والخوفُ قد غلبا

وأبقتِ الزوجة الحمقا علاقتكم

بزعمها ، وغدا ترك الفتى سببا

أما الغلامُ الذي في حبله ربطا

فلم يجد أمه ، ولم يجدك أبا

فقسوة القلب قد أبقتك قاتله

ورقة الحرص أبقت أمّه شُهُبا

جهلان: جهلكَ في تقويم زلته

وجهلُ والدةٍ بالدين جد غبا

يمينه عُلّقتْ بالشرط ، لا تسلي

تهديده غاية ، فلتتقي الريبا

لكنه جهلها أودى بدُرتِها

حتى غدا بيتها مِن طفلها خربا

وتركُ سِكّينها أمام عين فتىً

لم يدر منفعة ، أو يدركِ العَطبا

هذي الجريمة ، والزوجان فاعلها

أما الغلامُ فنجمٌ في الشجار خبا

يا لهف نفسي وإحساسي وأخيلتي

وحزنَ شعر بكى ، وفي الأسى ندبا

لمّا سمعتُ بهذا الظلم أرعبني

لولا اليقينُ بمن روى ومَن خطبا

وأن أستاذنا محققٌ نهمٌ

لقلتُ: أقصوصة ، ومَن حكى كذبا

حكاية بدموع الشعر أكتبها

رواية طفقتْ تستوعبُ الكتبا

ذي غادة ثكلت أغلى فرائدها

مات الجمال بها ، والعنفوانُ صبا

كانت أقاربها عطراً يُعطرها

واليوم خاطبُها عن قربها رغبا

والكل يطلبها لأنسه أملاً

ولم تعد للذي يبغي المُنى طلبا

كان الوليد ربيع العمر زهرته

وكان للمشتهي إضحاكه طربا

لكنه بعدما أرداه والده

أمسى ركاماً ، فلا تلقى له جلبا

ونار حسرته أمست تقطعه

أمسى الغلام لها في مَهده حطبا

وكبة الحزن في قلب الفتى جبلٌ

وإنّ بين الفتى وفرحه حُجُبا

ولا يُعين على ما فيه صاحبنا

إلا المليك الذي عليه ذا كتبا

فارحمه رب الوَرى مما ألم به

وقد لطفتُ به ، ومَن سواك حبا؟

وصَبّر الأهل مَن غابوا ومَن حضروا

وانفعْ بقصته الآباءَ والأدبا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات