إفرازات الاحتضار! (كل الحضارات الجاهلية تفنى ، وتبقى حضارة الإسلام!)

طال المرارُ ، وطمّ الضنكُ والغسقُ

وأمةُ الخير تُزوى ، ثم تختنقُ

لأنها في سنا إسلامها زهدتْ

وحكّمتْ – جهرة – شرعَ الذين شَقوا

وحاكمتْ مَن سعى يريد نجدتها

وكافأت مَن بدين الله يرتزق

وكرّستْ لفنون الخِزي ثروتُها

وجيلها – خلف أهل الفن – يَنطلق

ومكنتْ لدعاة الشر عامدة

حتى غدا عِزها المغوارُ يحترق

وخيرُها حازه الأعداءُ في صلفٍ

وصفها بكلاب الأرض مُخترق

ولم تُجرّد سيوفَ النصر مُخلصة

وقوسُها مِن أسى الخذلان تنشرق

ولم تُعُدّ لنيْل الخُلد صفوتها

وردَّها – عن لقا أعدائها – المَلَق

سلاحُها الشجبُ والإنكارُ في ولهٍ

وليلُها حالكٌ ، أطاله الغَسَق

تموتُ وجْداً إذا نيلت مطاعمُها

ولا تثور إذا أودى بها الغرق

وإنها مِن لظى أفعالها احتضرتْ

ما ردها عن دجى أهوائها خُلُق

تخلفتْ عن هُدى الإسلام ما اعتبرتْ

تُقلد – اليوم – مَن كأسَ الضلال سُقوا

تنازلت عن سنا دَورٍ يليق بها

ونازعتْها العُلا الأقزامُ والفِرَق

لا تُستشار إذا حُقتْ مشورتها

وعُرفها – رغم أنف الكل – يُخترقُ

وأرضها في يد الأعداء باكية

وروحها أجهزتْ ، فما بها رَمَق

والاحتضارُ على كل الرقاب جثا

لم يتسع – لدجى آماده – الأفق

وسُلمُ الموت قد مُدت مَدارجُه

ولا يذوقُ الردى كلُّ الذين رَقوا

لكنْ حياةٌ يخط الموتُ ظُلتها

مَن زالَ ماتَ ، ويا نحس الذين بَقوا

هذي الحياة ضياعٌ في حقيقتها

سِياجُها الذلُ والأوهامُ والأرق

لا تستطيع لها وصفاً قصائدُنا

وليس يحوي مدى آلامها الورق

إن الحياة إذا مِن دينها انسلختْ

أدالها – مِن سنا أحوالها – القلق

وشُتتَ الناسُ في قفر وفي حضر

وأصبح العيش مكفولاً لمَن فسقوا

أجارنا الله مِن مَكر يَحيقُ بنا

ولا ترى عاقلاً بباطلٍ يثق

والعيشُ إن أصبحَ الكفرانُ طابعَهُ

فكل صُقع بهذي الدار مُنزَلَق

تناحرَ الكل في دنيا تموجُ بنا

وليس يسلو بها إلا الغُثا الحُمُق

وعربدَ الفسقُ في أصقاعها شَبِقاً

متى يزول الخنا والدُّعر والشبق؟

متى تُتاركُ أصناماً تدينُ لها؟

وتستقيم فيهوي الوابلُ الغَدق

حتى نرى أمّة التوحيد سامقة

وسيفها في وجوه العِير يُمتشَق

متى نراها بأمر الله قائمة

لا تستكينُ لمَن مِن هديه مَرقوا؟

متى نراها لأهل الحق حامية

وجيلها في سبيل الله يستبق؟

متى نرى بأسها في الأرض مرتفعاً

قِوامُه العدلُ والإحسانُ والخُلُق؟

رعاتها يملأون الكونَ معدلة

مِن الذين اتقوْا ، وفي العَطا صدقوا

وخلفهم للهُدى تدعو رعيتهم

أما الرعاة ففي الميدان قد سبقوا

متى نرى العِز يسري في جوانبها

والفجر يُشرق ، والتمكينُ يندفق؟

متى تودع هذا النوم عازمة

على المُضي؟ فإن الدرب يأتلق

متى تُدمّر أوثاناً تعرقلها

عن النهوض ، وتُردي مَن بها نعقوا؟

متى تحطم مَن في جدّها لعبوا

مَن مجدها في دياجي ضعفها سرقوا؟

متى تُفيق مِن التخدير جندلها

فيه النصارى ومَن بالهَدي قد شرقوا؟

متى تعودُ لماضٍ كان يرفعُها

بين البرايا ، عليها العزُ والأنق؟

متى نراها إلى العلياء صاعدة

ومجدُها سامقٌ مستشرفٌ عَبِق؟

متى نراها لنشر الخير زاحفة

تدعو جحافلها مَن في الضلال لقوا؟

إلى الحنيفة تهدي كل مَن كفروا

وليس يصرفها عن هديها الورِق

تجاهد اليوم تخشى الخِزيَ في غدها

مع الحنيفة هذا البذلُ يَتَّفق

وتعرقُ اليومَ خوفَ الشمس في غدها

نعم الجهادُ ، ونعم الجهدُ والعَرق

فهل عزيزٌ على الجبار رفعتُها؟

فاللهُ ناصرُ مَن في نصره صدقوا

لكنها أخلدتْ للأرض ، وانحدرتْ

وكل متبع هواه ينسحق

والاحتضار إذنْ أمسى عقوبتها

والحق منقذ مَن بركبه التحقوا

رباه جاد بما في خاطري قلمي

وبالقريض تسلى الخاطرُ اللبِق

فالطفْ بأمتنا ، وارحمْ تذللنا

وارأفْ بجيل غدا في التيه ينزلق

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات