أنا النذير العُريان!

أعيا الأباعرَ مِنطقي وبَياني

فاستهزأوا بالمُنذر العُريانِ

وتندّروا بسفاهةٍ ، واستسخروا

وتعللوا بالزور والبُهتان

واستكثروا مني الدفاعَ يَدينهم

فسطوْا على الإثبات والبرهان

وتبجّحوا في قولهم ، وتزيّدوا

وتوشّحوا بالبغي والطغيان

وتخرّصوا فيما ارتأوْه ، وبالغوا

وتصَيّدوا الهفواتِ كالذؤبان

وتسلحوا بالهزل دون تحفظٍ

حتى تضيعَ معالمُ الفرقان

وتذرّعوا بالجهل يُبرز حُمقهم

وتخبّطوا – في الغيّ – كالعُميان

وترنحوا – عند اللقاء – تخالهم

زمَراً من الغِربان والحِدآن

تالله ما علموا حقيقة حُجتي

كلا ، ولا فقهوا جميل معاني

تالله ما اعتبروا بموعظتي التي

قد سُقتها بتبتل وتفان

تالله ما فهموا ، ولا لن يفهموا

إن غلبوا منظومة الشنآن

يا قوم أنتم جاهلون ، تعلموا

فالعلمُ يرفعُ قيمة الإنسان

وزنوا الأمور بدقةٍ ، وتدبّروا

وضعوا كلام الناس في الميزان

وتريّثوا فيما أردتم قوله

كم من نفوس أزهقتْ بلسان

وتمهلوا في الحكم يُكتب وِزرُه

ويبوءُ إما اختلَّ بالخسران

يا قوم إن لنا حقوقاً عندكم

قد سَنها الجبارُ في القرآن

ولتسألن عن المظالم كلها

عند المليك الواحد الديان

أنا ما اعتديتُ لتذهبوا بكرامتي

ولتلعبوا بتعففي وكياني

أنا ما تجاوزتُ الشريعة والهُدى

لأداسَ في سر وفي إعلان

أنا لم أنل منكم ، ولم أكُ مُهْدِراً

حق الجوار لكي أعيش أعاني

أنا لم أكلفكم عناء مَودتي

أبداً ، وما صرّحتُ بالعدوان

أنا لم أكن عِبئاً عليكم لحظة

لأذوقَ مُر الصدّ والهجران

أنا لم أنافقْ كي يقال: منافقٌ

إن النفاق ينال من إيماني

أنا ساقني رب الأنام لعزكم

فخدمتكم بالجدّ دون توان

وبذلتُ نفسي كي تكونوا في الذرى

وخصصتكم بالجود كل أوان

حتى إذا نلتم مآربكم ، بدتْ

لغة التشفي من فتىً مِعوان

فجهرتُ: أن عودوا لسالف عهدكم

لا تعمَدوا للظلم والخذلان

وأبنتُ مِن حُجَجي الكثيرَ مُؤمّلاً

– واللهِ – دحرَ وساوس الشيطان

ومُبيتاً حسن النوايا ، راجياً

دحضَ الفِرى وإقامة الأركان

ومفنداً شُبَهاً تفاقمَ شرّها

واستحكمتْ بالزور في الأذهان

واخترتُ ألفاظاً تؤلفُ بيننا

من ساحر التصوير والتبيان

حتى إذا عَجمتْ عليكم أشكلتْ

وبرغم ما تحويه من رُجحان

لو تسألوني عن غموض شابها

لكنْ رفعتم حَربة الأضغان

وكأنني فيكم خدعتُ ، فوَصْلكم

نارٌ ، وهل يُلتذ بالنيران؟

فلأشكون الحالَ لله الذي

بكمُ ابتلاني ، جَلّ مِن رحمن

وأنا العزيز ولن أطاطئ هامتي

يوماً لكم بالذل والإذعان

سبحانك اللهم قد أغنيتني

عنهم ، فلستُ حِيالهم بمُدان

ولسوف أحيا مُنذراً ومُبشراً

متمثلاً بمقالــــة العدنــــــان

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات