أشواق لها إيقاع!

الشوق يُلهبُ أحلامي ويَزدهرُ

ويَسْرقُ النومَ من عيني وينبهرْ

أبيتُ في غُربة والهمّ يقتلُني

والحزنُ في القلب مثل النار تستعر

وذاك بيتي خلا ممّن يُنوَّره

ومَن هو السمعُ لي والقلبُ والبصر

وتستجيش أحاسيسي ملابسُه

وبعضُ أقلامه والكُتْبُ والصُّور

وبعضُ أشرطةٍ قد كان رتبها

قبل الرحيل عليها الدمعُ ينهمر

والدارُ فيها له سيارة وجمتْ

كأنها تسأل الأبناءَ: ما الخبر؟

والناس حولي وأبنائى وطُعمتُنا

لكنْ فراقُ أبيهم ليس يَنجبر

مضى وخلَّفني في الكرب شاكية

إلي المليك عذاباتي ، وأنتظر

وكم تذكرتُ ما قارفت من محن!

يا ليتني لم أكن للذنب أفتكر

اليوم تُبت عن العصيان ضقتُ به

وبعدُ إني إلي زوجي لأعتذر

عساه يرضي وعن عمدٍ يُسامحني

فالحَوْب عند كِرام الناس يُغتفر

وقد كفاني من الأشواق لوعتُها

خاب الفراقُ وخابَ البُعدُ والسفر

لولا مكابدةُ في الحب لاعجة

لما استطالت على أناتيَ السُّعُر

وما جرى الدمع مهتاجاً يُعذبني

كأنه الشوكُ في الأحداق والإبر

وما استكانت لفرط الوجد عاطفتي

ولم يزرني الجوى كلا ولا السهر

وما استجابت أساريري لكربتها

حتى غدت من مرار الكرب تنفطر

وكل شبل من الأشبال يسألني

متى سيطلع في ظلمائنا القمر؟

يَرَوْن فيكَ أباً قد كان يُسعدهم

وكنتُ يوماً أرى غير الذي ذكروا

يقول أصغرهم: متى يجئ أبي؟

فيجعل الدمع في عينيَّ ينحدر

حتى أشيحَ بوجهي ، ثم يسألني

فأزجرُ الطفل علًّ الطفل ينزجر

يُهّيًجون أحاسيسي صباحً مسا

والدمعُ يغلبُني كأنه المطر

والطَّيفُ في غرفتي يختال مزدهياً

يعيد ذكرى لها في خاطري بُشُر

فأستفيقُ على طيفٍ يُسامرني

كأنه العطرُ في الأركان ينتشر

فأجتني مِن زهور الحُب ما ينعتْ

ألوانُهُ وزكا أريجُهُ العًطِر

فأذكر الحُب والمحبوب في فرح

وأذكرُ الشرع فيه الخيرُ والنُّذر

وأذكرُ الغًيْرة الشهباء مِن رجل

بحبه بين أهل الخير أفتخر

وأذكر الغضبة النجلاء يًغضبها

لله ليس له من بذلها وطًر

وأذكر الخير ، كان الزوج يجلبُه

لبيت أسرته الجهابذُ الغُرر

وأذكر النصح لم يبخل به أبداً!

كانت نصائحه كأنها الدرر

وأذكر الحكمة العصماء جاد بها

إذ كان يعلم ما يأتي وما يذر

وأذكر الجود بالأموال يُهلكها

يرجو الثواب وهذا الأمر مُشتهر

وأذكر الرفض للتلفاز في وضح

وإن رأى حِلّه في دارنا البَشَرُ

وأذكر السُّنة المُثلى تقلدها

فيما استطاع ففيها العٍزُّ والظفر

وأذكر الجارة الشماء أكرمها

فما استوتْ عنده في الوزن والأخَر

أمسى يشيد بأخلاق لها عظُمتْ

جداً وكان لها في شرعنا نظر

غَضيضةُ الطرف عن سوءٍ ومنقصةٍ

دوماً وتُدمعُها إن رُدَّدَتْ سَقر

وكان يَذكر في فجر مناقبها

كدوحةٍ في جواها الظَّلُّ والثمر

وكان يفرح إن زارت مضاربنا

ففي زيارتها الهناءُ والسَّمر

ولم يُزكَّ على الرحمن من أحدٍ

لأنه لرضاء الله مُفتقِر

لكنه أنزل الفُضلى بمنزلةٍ

فنعم صاحبةٌ ونِعْمَتِ السَّيَر!

تبارك الله يا أختاً بغربتنا

حلا لنا في عطاها الوِرْدُ والصَّدَر

ولم تُفَّرقْ كأهل الحي قاطبة

فعندها (ماجدٌ) أولى به (عُمَر)

و(يوسُفٌ) عندنا غال كـ (فاطمةٍ)

هما هما الذخرُ إمّا هاجتِ الغِيَر

و(راشدٌ) سيفُه في بيتنا ألقُ

والسهمُ عند (صلاح الدين) والوَتَر

ذي جيرةٌ طَهُرتْ مما يُدنَّسها

ففي تأمُّلها العِظاتُ والعِبَر

وأذكر الزوج كم كان الحياة لنا!

بلي هو الخيرُ والأهلون والسَّمر

واليومَ يمضى فلا سعدٌ ولا فرحٌ

وما لصاحبنا في دارنا أثر

أعاده الله نوراً في دياجرنا

إن المليكَ على ما قُلتُ مُقتدر

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات