مهرة و مرام و الكندي.
حدثتني مهرة بنت عمران أنها يوما عند مجلس السلطان بن يمين التركماني، إذ كان يستقبل رعيته و يناقش شؤونهم و يفض المظالم و يعطي كل ذي حق حقه، فجاء الدور عليها، طلب منها أن تطرح مسألتها فقالت: مولاي،من زمان كنت بين أهلي أعيش في بسطة و رخاء، لا هم يعتريني و ما اطلبه احوزه، إلى أن شاء القدر أن يفترق شمل الأهل و كل يسير في حاله، فمكثت ببيت العائلة يخدمني به الجميع. لكن الطمع دب بالكندي و كان أجيرا عندنا، فسألني القرب، و ما كان مني إلا القبول، ثم سارت الأمور بيننا على ما يرام، إلا أن جاء اليوم الذي أفقد فيه كل ما أملك بعد أن استولى على البيت و طردني منه، و دخل على أمراة أخرى، اتعلم من تكون يا مولاي؟ ما هي إلا ابنتك الأميرة مرام! فإني أشكو لك ما حل بي، لعلك تنصفني و تطلب منه أن يردني معززة مكرمة لبيتي.
كانت الفتاه تنوح و الحسرة تملأ قلبها، فحن السلطان لمصابها رغم كل شيء، و ما كان منه إلا ان يستعطفها و يطلب منها أن تضيف بقصره حتى يتمكن من حل الخلاف الحاصل بسبب ابنته، في حين أن هذه الأخيرة وصل لسمعها أن الزوجة الاولى قد شكت بها ليعدل والدها عن زيجتها بعد ان تأجج الحب بينها و بين الكندي.
في تلك الليلة، هيأت لضرتها مأدبة عشاء و ارسلت لها بالمجيء لجناحها الخاص، فما كان من مهرة إلا أن أجابت الدعوة و جلست عندها. خاطبتها بلطف و اقترحت عليها أن تعدل عن الأمر، و يمكن أن تختار لها ما شاءت من الوجهاء و أصحاب النفوذ ليصبح بعلها، فما كان من مهرة إلا أن أنشدت قائلة:
ما كان لمرام وكرا بضياعي..
إذ مهرة ضاعت بعد لؤم كندي..
فما أرض بخل إلا أشفيت غلي..
لمن باع بنت عمران بلا ذنب..
سكتت بنت السلطان ثم قالت بكل أسف:
إرض بالقرار و دعك من الكندي..
فلولا الأقدار ما كنت ضرتي..
إنه لعار علي و لمهرة مثلك..
فما كان إلا الصباح الموالي، حتى استدع السلطان الكندي و جرده من أملاك مهرة بنت عمران، و صار واحدا من غلمان قصره . أما مهرة فقبلت أن تكون زوجته و نصبها ملكة جديدة بقصره، و هذا مباشرة بعد وفاة السلطانة الأم بعدها بشهر. فما قولك في هذا الحديث؟
فأقول: نسي الكندي معروف وليه العميري، فما صان حق ابنته، فعلمت مرام بنت السلطان أنه مخادع و سيكرر فعلته معها لا محالة إذا صارت تحت رحمته.
تعليقات